الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَهِيَ بِجُمْلَتِهَا تَدُلُّ عَلَى الْأَخْذِ فِي التَّسْهِيلِ وَالتَّيْسِيرِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ عَدَمِ الِالْتِزَامِ، وَإِنْ تُصُوِّرَ مَعَ الِالْتِزَامِ؛ فَعَلَى جِهَةِ مَا لَا يَشُقُّ الدَّوَامُ فِيهِ حَسْبَمَا نُفَسِّرُهُ الْآنَ.
[فَصْلٌ الْأَخْذُ فِي التَّسْهِيلِ وَالتَّيْسِيرِ مَعَ الِالْتِزَامِ عَلَى جِهَةِ مَا لَا يَشُقُّ الدَّوَامُ]
فَصْلٌ
فَأَمَّا إِنِ الْتَزَمَ أَحَدٌ ذَلِكَ الْتِزَامًا؛ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
إِمَّا عَلَى جِهَةِ النَّذْرِ، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً:
أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ قَالَ: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا يَنْهَانَا عَنِ النَّذْرِ؛ يَقُولُ: " إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ».
ـ وَفِي رِوَايَةٍ: «النَّذْرُ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُهُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ».
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَنْذُرُوا؛ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ».
وَإِنَّمَا وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - تَنْبِيهًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي أَنَّهَا كَانَتْ تَنْذُرُ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي؛ فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا، وَإِنْ قَدِمَ غَائِبِي، أَوْ إِنْ أَغْنَانِيَ اللَّهُ؛ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا، فَيَقُولُ: لَا يُغْنِي مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا، بَلْ مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ لَهُ الصِّحَّةَ أَوِ الْمَرَضَ أَوِ الْغِنَى أَوِ الْفَقْرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ فَالنَّذْرُ لَمْ
1 / 383