335

الاعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

پژوهشگر

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

محل انتشار

السعودية

وَالْمُرُوءَةِ.
نَعَمْ؛ قَدْ (لَا) يُنْكِرُ اتِّفَاقُ الْغَشْيِ وَنَحْوِهِ أَوِ الْمَوْتِ لِمَنْ سَمِعَ الْمَوْعِظَةَ بِحَقٍّ، فَضَعُفَ عَنْ مُصَابَرَةِ الرِّقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِهَا، فَجَعَلَ ابْنُ سِيرِينَ ذَلِكَ الضَّابِطَ مِيزَانًا لِلْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّ الْقِحَّةَ لَا تَبْقَى مَعَ خَوْفِ السُّقُوطِ (مِنَ الْحَائِطِ)، فَقَدِ اتَّفَقَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ النَّوَادِرِ، وَظَهَرَ فِيهَا عُذْرُ التَّوَاجُدِ.
فَحُكِيَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ؛ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ وَمَعَنَا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، فَمَرَرْنَا عَلَى حَدَّادٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَنْظُرُ إِلَى حَدِيدَةٍ فِي النَّارِ، فَنَظَرَ الرَّبِيعُ إِلَيْهَا، فَتَمَايَلَ لِيَسْقُطَ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَضَى كَمَا هُوَ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ عَلَى أَتُونٍ، فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ وَالنَّارُ تَلْتَهِبُ فِي جَوْفِهِ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان: ١٢]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ [الفرقان: ١٣]، فَصَعِقَ الرَّبِيعُ؛ يَعْنِي: غُشِيَ عَلَيْهِ، فَاحْتَمَلْنَاهُ، فَأَتَيْنَا بِهِ أَهْلَهُ.
قَالَ: " وَرَابَطَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى الظُّهْرِ فَلَمْ يَفِقْ، فَرَابَطَهُ إِلَى الْمَغْرِبِ فَأَفَاقَ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِهِ ".
فَهَذِهِ حَالَاتٌ طَرَأَتْ لِوَاحِدٍ مَنْ أَفَاضِلِ التَّابِعِينَ بِمَحْضَرِ صَحَابِيٍّ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ طَاقَتِهِ، فَصَارَ بِتِلْكَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَلَا حَرَجَ إِذًا.
وَحُكِيَ أَنْ شَابًّا كَانَ يَصْحَبُ الْجُنَيْدَ ﵁ إِمَامَ الصُّوفِيَّةِ

1 / 354