303

الاعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

پژوهشگر

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

محل انتشار

السعودية

الْحُكَّامِ، فَصَرَفُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَى التَّحَيُّلِ عَلَى مَا قَصَدُوا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِيَلِ، مِنْ جُمْلَتِهَا صَرْفُ الْهَمِّ مِنَ الظَّوَاهِرِ؛ إِحَالَةً عَلَى أَنَّ لَهَا بَوَاطِنَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَأَنَّ الظَّوَاهِرَ غَيْرُ مُرَادَةٍ.
فَقَالُوا: كُلُّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مِنَ الظَّوَاهِرِ فِي التَّكَالِيفِ وَالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ؛ فَهِيَ أَمْثِلَةٌ وَرُمُوزٌ إِلَى بَوَاطِنَ.
فَمِمَّا زَعَمُوا فِي الشَّرْعِيَّاتِ: أَنَّ الْجَنَابَةَ مُبَادَرَةُ الدَّاعِي لِلْمُسْتَجِيبِ بِإِفْشَاءِ سِرٍّ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنَالَ رُتْبَةَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَمَعْنَى الْغُسْلِ تَجْدِيدُ الْعَهْدِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى مُجَامَعَةِ الْبَهِيمَةِ مُقَابَحَةُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ النَّجْوَى - وَهُوَ مِئَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا عِنْدَهُمْ ـ؛ قَالُوا: فَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الشَّرْعُ الْقَتْلَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا، وَإِلَّا؛ فَالْبَهِيمَةُ مَتَى يَجِبُ الْقَتْلُ عَلَيْهَا؟! وَالِاحْتِلَامُ أَنْ يَسْبِقَ لِسَانُهُ إِلَى إِفْشَاءِ السِّرِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ؛ أَيْ: تَجْدِيدُ الْمُعَاهَدَةِ، وَالطُّهْرُ هُوَ التَّبَرُّؤُ مِنَ اعْتِقَادِ كُلِّ مَذْهَبٍ سِوَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، وَالتَّيَمُّمُ الْأَخْذُ مِنَ الْمَأْذُونِ إِلَى أَنْ يَسْعَدَ بِمُشَاهَدَةِ الدَّاعِي وَالْإِمَامِ، وَالصِّيَامُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ كَشْفِ السِّرِّ.
وَلَهُمْ مِنْ هَذَا الْإِفْكِ كَثِيرٌ فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَأُمُورِ التَّكْلِيفِ وَأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَكُلُّهُ حَوْمٌ عَلَى إِبْطَالِ الشَّرِيعَةِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، إِذْ هُمْ ثِنْوِيَّةٌ وَدَهْرِيَّةٌ وَإِبَاحِيَّةٌ، مُنْكِرُونَ لِلنُّبُوَّةِ وَالشَّرَائِعِ وَالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْمَلَائِكَةِ، بَلْ هُمْ مُنْكِرُونَ لِلرُّبُوبِيَّةِ، وَهُمُ الْمُسَمَّوْنَ بِالْبَاطِنِيَّةِ.
وَرُبَّمَا تَمَسَّكُوا بِالْحُرُوفِ وَالْأَعْدَادِ: بِأَنَّ الثُّقُبَ فِي رَأْسِ الْآدَمِيِّ

1 / 322