288

الاعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

پژوهشگر

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

محل انتشار

السعودية

مَخْلُوقٌ مِثْلُهُ، إِذْ مَا وَجَبَ لِلشَّيْءِ؛ وَجَبَ لِمَثْلِهِ، فَكَمَا تَكُونُ الْآيَةُ دَلِيلًا عَلَى الْمُشَبِّهَةِ؛ تَكُونُ دَلِيلًا لِهَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ فِي التَّنْزِيهِ مُعَامَلَةَ الْمَخْلُوقِ، حَيْثُ تَوَهَّمُوا أَنَّ اتِّصَافَ ذَاتِهِ بِالصِّفَاتِ يَقْتَضِي التَّرْكِيبَ فِي الذَّاتِ.
وَأَمَّا (تَرْكُهُمْ) لِمَعَانِي الْخِطَابِ؛ فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ، أَوِ الْقَدِيرُ،. . . . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَعِلْمٌ وَقُدْرَةٌ اتَّصَفَ بِهَا، فَإِخْرَاجُهَا عَنْ حَقَائِقِ مَعَانِيهَا الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا خُرُوجٌ عَنْ أُمِّ الْكِتَابِ إِلَى اتِّبَاعِ مَا تَشَابَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
وَحَيْثُ رَدُّوا هَذِهِ الصِّفَاتِ إِلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ الْعَالِمِيَّةُ وَالْقَادِرِيَّةُ، فَمَا أَلْزَمُوهُ فِي الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ لَازِمٌ لَهُمْ فِي الْعَالِمِيَّةِ وَالْقَادِرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إِمَّا مَوْجُودَةٌ؛ فَيَلْزَمُ التَّرْكِيبُ، أَوْ مَعْدُومَةٌ؛ وَالْعَدَمُ نَفْيٌ مَحْضٌ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْكَلَامِ هُوَ الْأَصْوَاتُ وَالْحُرُوفُ؛ فَبِنَاءً عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ فِي الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأُصُولِ.
وَأَمَّا الشُّبْهَةُ السَّمْعِيَّةُ؛ فَكَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ بِالتَّبَعِ؛ لِأَنَّ الْعُقُولَ عِنْدَهُمْ هِيَ الْمُعْتَمِدَةُ؛ وَلَكِنَّهُمْ يُلْزِمُهُمْ بِذَلِكَ الدَّلِيلُ مِثْلُ مَا فَرُّوا مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٦]، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى عُمُومِهِ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ شَيْءٌ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى عُمُومِهِ؛ فَتَخْصِيصُهُ إِمَّا بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ وَهُوَ التَّحَكُّمُ، وَإِمَّا بِدَلِيلٍ؛ فَأَبْرَزُوهُ حَتَّى نَنْظُرَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْإِرَادَةِ إِنْ رَدُّوا الْكَلَامَ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ

1 / 307