الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
مناطق
•اسپانیا
امپراتوریها
بنو الاحمر (نصریان گرانادا)
بِالتَّدْرِيجِ؛ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنْ يُدِيمَ الْجُوعَ وَالصِّيَامَ، وَأَنْ يَتْرَكَ التَّزْوِيجَ مَا دَامَ فِي سُلُوكِهِ بَعْدُ.
وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ مُشْكِلَاتِ التَّشْرِيعِ، بَلْ هُوَ شَبِيهٌ بِالتَّبَتُّلِ الَّذِي رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ، حَتَّى قَالَ: " «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ".
وَإِذَا تَأَمَّلَ [الْمَرْءُ] مَا ذَكَرُوهُ فِي شَأْنِ التَّدْرِيجِ فِي تَرْكِ الْغِذَاءِ؛ وَجَدَهُ غَيْرَ مَعْهُودٍ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَالْقَرْنِ الْأَفْضَلِ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءُ أَلْزَمُوهَا الْمُرِيدَ حَالَةَ السَّمَاعِ؛ مِنْ طَرْحِ الْخَرْقِ، وَأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُرِيدِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ خَرَجَ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ؛ إِلَّا أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ، فَلْيَأْخُذْهُ عَلَى نِيَّةِ الْعَارِيَّةِ بِقَلْبِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحِشَ قَلْبَ الشَّيْخِ. . . إِلَى أَشْيَاءَ اخْتَرَعُوهَا فِي ذَلِكَ، لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ مِنْ نَتَائِجِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ الَّذِي اعْتَمَدُوهُ.
وَالسَّمَاعُ فِي طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ لَيْسَ مِنْهَا؛ لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالتَّبَعِ، وَلَا اسْتَعْمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ مِمَّنْ يُشَارُ إِلَيْهِ حَاذِيًا فِي طَرِيقِ الْخَيْرِ، وَإِنَّمَا رَأَيْتُهُ مَأْخُوذًا بِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ الْآخِذَةِ لِلتَّكْلِيفِ الشَّرْعِيِّ بِالتَّبَعِ.
وَلَوْ تُتُبِّعَ هَذَا الْبَابُ؛ لَكَثُرَتْ مَسَائِلُهُ وَانْتَشَرَتْ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهَا اسْتِحْسَانَاتٌ اتُّخِذَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَالْقَوْمُ - كَمَا تَرَى - مُسْتَمْسِكُونَ بِالشَّرْعِ، فَلَوْلَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَاحِقٌ بِالْمَشْرُوعَاتِ؛ لَكَانُوا أَبْعَدَ النَّاسِ
1 / 275