الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
(وَمِنْهُمْ) مَنْ كَانَ يَلْتَقِطُ نَوَى التَّمْرِ، فَيَرُضُّهَا، وَيَبِيعُهَا عَلَفًا لِلْإِبِلِ، وَيَتَقَوَّتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
(وَمِنْهُمْ) مَنْ لَمْ يَجِدْ وَجْهًا يَكْتَسِبُ بِهِ لِقُوتٍ وَلَا لِسُكْنَى، فَجَمَعَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فِي صُفَّةٍ كَانَتْ فِي مَسْجِدِهِ، وَهِيَ سَقِيفَةٌ كَانَتْ مِنْ جُمْلَتِهِ، إِلَيْهَا يَأْوُونَ، وَفِيهَا يَقْعُدُونَ، إِذْ لَمْ يَجِدُوا مَالًا وَلَا أَهْلًا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَحُضُّ النَّاسَ عَلَى إِعَانَتِهِمْ، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ.
وَقَدْ وَصَفَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁، إِذْ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَهُوَ أَعْرَفُ النَّاسِ بِهِمْ؛ قَالَ فِي الصَّحِيحِ: " وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ صَدَقَةٌ؛ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ؛ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا ".
فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، وَحَكَمَ لَهُمْ - كَمَا تَرَى - بِحُكْمِ الْأَضْيَافِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الضِّيَافَةُ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَزَلَ بِالْبَادِيَةِ؛ لَا يَجِدُ مَنْزِلًا وَلَا طَعَامًا لِشِرَاءٍ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْوَبَرِ أَسْوَاقٌ يَنَالُ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ يُشْتَرَى، وَلَا خَانَاتٌ يُأْوَى إِلَيْهَا، فَصَارَ الضَّيْفُ مُضْطَرًّا وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ، فَوَجَبَ عَلَى أَهْلِ الْمَوْضِعِ (ضِيَافَتُهُ وَإِيوَاؤُهُ) حَتَّى يَرْتَحِلَ، فَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ؛ فَذَلِكَ أَحْرَى.
فَكَذَلِكَ أَهْلُ الصُّفَّةِ لَمَّا لَمْ يَجِدُوا مَنْزِلًا آوَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَجِدُوا، كَمَا أَنَّهُمْ حِينَ لَمْ يَجِدُوا مَا يَقُوتُهُمْ نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى إِعَانَتِهِمْ.
1 / 260