الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پژوهشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
" «يَا بُنَيَّ! وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي; فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي; كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» ; حَدِيثٌ حَسَنٌ.
فَقَوْلُهُ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي» ; وَاضِحٌ فِي الْعَمَلِ بِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي; فَقَدْ أَحَبَّنِي» ; ظَاهِرٌ فِي السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: " «مَنْ سَنَّ كَذَا» " ; فَإِنَّهُ فِي الِاخْتِرَاعِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي السُّنَّةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ: «وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً» ; فَظَاهَرٌ أَنَّ الْبِدْعَةَ لَا تُذَمُّ بِإِطْلَاقٍ، بَلْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ ضَلَالَةً، وَأَنْ تَكُونَ لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَاقْتَضَى (هَذَا كُلُّهُ) أَنَّ الْبِدْعَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ; لَمْ يَلْحَقْهَا ذَمٌّ، وَلَا تَبِعَ صَاحِبَهَا وِزْرٌ، فَعَادَتْ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ حَسَنَةٌ، وَدَخَلَتْ تَحْتَ الْوَعْدِ بِالْأَجْرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ ﵃ وَأَعْلَاهُمُ الصَّحَابَةُ قَدْ عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ مِمَّا رَأَوْهُ حَسَنًا وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَجْتَمِعُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى هُدًى وَمَا هُوَ حَسَنٌ.
فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ وَكَتْبِهِ فِي الْمَصَاحِفِ، وَعَلَى جَمْعِ النَّاسِ عَلَى الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَاطِّرَاحِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ قَصْرٌ وَلَا حَصْرٌ.
1 / 230