الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پژوهشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
يُتْرَكَ التَّنْبِيهُ عَلَى وَجْهِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلٍ جَمْلِيٍّ، فَهُوَ الْأَوْلَى فِي هَذَا الْمَقَامِ.
فَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ صَاحِبِهَا مُدَّعِيًا لِلِاجْتِهَادِ أَوْ مُقَلِّدًا:
فَظَاهِرٌ، لِأَنَّ الزَّيْغَ فِي قَلْبِ النَّاظِرِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهَا أَمْكَنُ مِنْهُ فِي قَلْبِ الْمُقَلِّدِ، وَإِنِ ادَّعَى النَّظَرَ أَيْضًا; لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ النَّاظِرَ لَا بُدَّ مِنِ اسْتِنَادِهِ إِلَى مُقَلَّدِهِ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا، أَوِ الْمُقَلَّدِ قَدِ انْفَرَدَ بِهَا دُونَهُ، فَهُوَ آخِذٌ بِخَظٍّ مَا لَمْ يَأْخُذْ فِيهِ الْآخَرُ; إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُقَلِّدُ نَاظِرًا لِنَفْسِهِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَدَّعِي رُتْبَةَ التَّقْلِيدِ، فَصَارَ فِي دَرَجَةِ الْأَوَّلِ، وَزَادَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ تِلْكَ السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا. وَهَذَا الثَّانِي مِمَّنْ عَمِلَ بِهَا، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ إِثْمِهِ مَا عَيَّنَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، فَوِزْرُهُ أَعْظَمُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَالثَّانِي دُونَهُ; لِأَنَّهُ إِنْ نَظَرَ وَعَانَدَ الْحَقَّ وَاحْتَجَّ لِرَأْيهِ، فَلَيْسَ لَهُ [إِلَّا] النَّظَرُ فِي أَدِلَّةٍ جُمْلِيَّةٍ لَا تَفْصِيلِيَّةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ; فَإِنَّ الْأَدِلَّةَ التَّفْصِيلِيَّةَ أَبْلَغُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْجُمْلِيَّةِ، فَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْوِزْرِ بِمِقْدَارِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ وُقُوعِهَا فِي الضَّرُورِيَّاتِ أَوْ غَيْرِهَا:
فَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِ سَتَأْتِي عِنْدَ التَّكَلُّمِ عَلَى أَحْكَامِ الْبِدَعِ.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ:
فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُسِرَّ بِهَا ضَرَرُهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ، لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَعَلَى
1 / 217