الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پژوهشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَجِيءِ الْبَيَانِ الشَّافِي، وَأَنَّ التَّفَرُّقَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ لَا مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، فَهُوَ إذًا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الْهَوَى بِعَيْنِهِ.
وَالْأَدِلَّةُ عَلَى هَذَا كَثِيرَةٌ، تُشِيرُ أَوْ تُصَرِّحُ بِأَنَّ كُلَّ مُبْتَدِعٍ إِنَّمَا يَتَّبِعُ هَوَاهُ، وَإِذَا اتَّبَعَ هَوَاهُ كَانَ مَذْمُومًا وَآثِمًا، وَالْأَدِلَّةُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَثِيرَةٌ:
كَقَوْلِهِ (: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠].
وَقَوْلِهِ:) ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [ص: ٢٦].
وَقَوْلِهِ:) ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ [الكهف: ٢٨].
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِذًا كُلُّ مُبْتَدِعٍ مَذْمُومٌ آثِمٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ قَائِلَةٌ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ [الْعَقْلِيِّ]، فَهُوَ عُمْدَتُهُمُ الْأُولَى، وَقَاعِدَتُهُمُ الَّتِي يَبْنُونَ عَلَيْهَا الشَّرْعَ، فَهُوَ الْمُقَدَّمُ فِي نِحَلِهِمْ، بِحَيْثُ لَا يَتَّهِمُونَ الْعَقْلَ، وَقَدْ يَتَّهِمُونَ الْأَدِلَّةَ إِذَا لَمْ تُوَافِقْهُمْ فِي الظَّاهِرِ، حَتَّى يَرُدُّوا كَثِيرًا مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا النَّاظِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا يَقْضِي بِهِ الْعَقْلُ يَكُونُ حَقًّا، وَلِذَلِكَ تَرَاهُمْ يَرْتَضُونَ الْيَوْمَ مَذْهَبًا، وَيَرْجِعُونَ عَنْهُ غَدًا، ثُمَّ يَصِيرُونَ بَعْدَ غَدٍ
1 / 191