الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
الصَّحِيفَةَ، فَخَرَقَهَا.
وَسُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شَيْءٍ؟ فَأَجَابَ، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ; دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: " لَا تَقُلْ: إِنَّ الْقَاسِمَ زَعَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَلَكِنْ إِنِ اضْطُرِرْتَ إِلَيْهِ عَمِلْتَ بِهِ ".
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: " قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ تَمَّ هَذَا الْأَمْرُ وَاسْتُكْمِلَ، فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ نَتَّبِعَ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا نَتَّبِعَ الرَّأْيَ، فَإِنَّهُ مَتَى اتُّبِعَ الرَّأْيُ; جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ أَقْوَى فِي الرَّأْيِ مِنْكَ فَاتَّبَعْتَهُ، فَأَنْتَ كُلَّمَا جَاءَ رَجُلٌ غَلَبَكَ اتَّبَعْتَهُ، أَرَى هَذَا لَا يَتِمُّ ".
ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِرَأْيِهِ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مَا كَانَ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِي النَّازِلَةِ: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢].
وَلِأَجْلِ الْخَوْفِ عَلَى مَنْ كَانَ يَتَعَمَّقُ فِيهِ، لَمْ يَزَلْ يَذُمُّهُ وَيَذُمُّ مَنْ تَعَمَّقَ فِيهِ، فَقَدْ كَانَ يُنْحَى عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، لِكَثْرَةِ تَصَرُّفِهِمْ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ، فَحُكِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ، مِنْ أَخَفِّهَا قَوْلُهُ:
" الِاسْتِحْسَانُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَلَا يَكَادُ الْمُغْرِقُ فِي الْقِيَاسِ إِلَّا يُفَارِقُ السُّنَّةَ ".
وَالْآثَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَيْسَتْ عِنْدَ مَالِكٍ مَخْصُوصَةٌ بِالرَّأْيِ فِي الِاعْتِقَادِ، فَهَذِهِ كُلُّهُا تَشْدِيدَاتٌ فِي الرَّأْيِ، وَإِنْ كَانَ جَارِيًا عَلَى الْأُصُولِ، حَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الرَّأْيِ غَيْرِ الْجَارِي عَلَى أَصْلٍ.
وَلِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ هُنَا كَلَامٌ كَثِيرٌ كَرِهْنَا الْإِتْيَانَ بِهِ.
1 / 140