الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
مناطق
•اسپانیا
امپراتوریها
بنو الاحمر (نصریان گرانادا)
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ﴾ [الشورى: ١٣].
وَمَا زَالَ ﵊ يَدْعُو لَهَا، فَيَئُوبُ إِلَيْهِ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ عَلَى حُكْمِ الِاخْتِفَاءِ، خَوْفًا مِنْ عَادِيَةِ الْكُفَّارِ زَمَانَ ظُهُورِهِمْ عَلَى دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ.
فَلَمَّا اطَّلَعُوا عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَنِفُوا وَقَامُوا وَقَعَدُوا:
فَمِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَنْ لَجَأَ إِلَى قَبِيلِهِ، فَحَمَوْهُ عَلَى إِغْمَاضٍ، أَوْ عَلَى دَفْعِ الْعَارِ فِي الْإِخْفَارِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ مِنَ الْإِذَايَةِ وَخَوْفِ الْغِرَّةِ، هِجْرَةً إِلَى اللَّهِ وَحُبًّا فِي الْإِسْلَامِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَزِرٌ يَحْمِيهِ، وَلَا مَلْجَأٌ يَرْكَنُ إِلَيْهِ، فَلَقِيَ مِنْهُمْ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْغِلْظَةِ وَالْعَذَابِ أَوِ الْقَتْلِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ، حَتَّى زَلَّ مِنْهُمْ مَنْ زَلَّ فَرَجَعَ أَمْرُهُ بِسَبَبِ الرُّجُوعِ - إِلَى الْمُوَافَقَةِ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، إِلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّخْصَةَ فِي النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى حُكْمِ الْمُوَافَقَةِ ظَاهِرًا، لِيَحْصُلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاطِقِ الْمُوَافَقَةُ وَتَزُولَ الْمُخَالَفَةُ، فَنَزَلَ إِلَيْهَا مَنْ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ التَّقِيَّةِ، رَيْثَمَا يَتَنَفَّسُ مِنْ كَرْبِهِ وَيَتَرَوَّحُ مِنْ خِنَاقِهِ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ.
وَهَذِهِ غُرْبَةٌ أَيْضًا ظَاهِرَةٌ.
وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا جَهْلًا مِنْهُمْ بِمَوَاقِعِ الْحِكْمَةِ، وَأَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ
1 / 27