٤٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَبُو يَعْقُوبَ النَّصْرِيُّ، قَالَ: كَانَ لِبَنِي الْعَبَّاسِ مَوْلًى يُقَالُ لَهُ الزُّرَيْرُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، وَكَانَ قَدْ عُمِّرَ حَتَّى فَقَدَ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ الَّذِي يَغْذُوهُ وَيَرْفُقُ بِهِ، وَالشَّيْخُ شَبِيهٌ بِالْوَالِدِ، فَرُمِيَ فِي جَنَازَةِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، فَأَخَذَ الْجِيرَانُ فِي مَصْلَحَتِهِ، وَإِنَّهُ لَجَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ مَنْزِلِهِ لَا يَحِيرُ شَيْئًا، أَكْبَرُ ظَنِّهِمْ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا مِنْ فَقْدِ ابْنِهِ، حَتَّى إِذَا أَصْلَحُوا شَأْنَهُ حَمَلُوا سَرِيرَهُ خَرَجَ يَهْدُجُ قُدَّامَ الْجَنَازَةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ ضَرَبَ يَدَهُ إِلَى أَكْفَانِهِ ثُمَّ قَالَ:
[البحر البسيط]
إِنِّي لَأَصْبَرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ... غَدَاةَ أَبْقَى وَإِبْرَاهِيمُ فِي الرَّجَمِ
يَا مَنْ لِعَيْنٍ أَبَادَ الدَّهْرُ قُرَّتَهَا ... وَمَنْ لِسَمْعٍ رَمَاهُ الدَّهْرُ بِالصَّمَمِ
قَالُوا أَطَلْتَ الْأَسَى فَارْبِعْ عَلَيْكَ وَهَلْ ... بَكَيْتُ حِبِّي مَا لَمْ أَبْكِهِ بِدَمِ
بُدِّلْتُ مِنْ فَرَحِي الْمَاضِي بِهِ تَرَحًا ... وَعَادَ عَهْدُ أَبِي إِسْحَاقَ كَالْحُلْمِ
فَاللَّهُ مَوْضِعُ مَا أَشْكُو وَغَايَتُهُ ... وَبِالْإِلَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ مُعْتَصَمِ
قَدْ ذَاقَهُ مَنْ بِهِ سَمَّيْتُ فَانْهَمَلَتْ ... عَيْنُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ سَحَّةَ السَّجَمِ
فَقَالَ مَا أَنَا فِيكَ الْيَوْمَ قَائِلُهُ ... وَبِالْإِلَهِ سَدَادُ الْفِعْلِ وَالْكَلِمِ
مَا ضَرَّ مَنْ قَالَ: يُودِي الْوَجْدُ صَاحِبَهُ ... وَقَدْ بَقِيتُ وَوَجْدِي لَيْسَ كَالْأُمَمِ
1 / 65