350

ایعراب قرآن

إعراب القرآن لابن سيده

ژانرها

وقرىء: فعدة، بالنصب على إضمار فعل، أي: فليصم عدة، وعدة هنا بمعنى معدود، كالرعي والطحن، وهو على حذف مضاف، أي: فصوم عدة ما أفطر، وبين الشرط وجوابه محذوف به يصح الكلام، التقدير: فافطر فعدة، ونظيره في الحذف: {أن أضرب بعصاك البحر فانفلق}(الشعراء: 63)} أي: فضرب فانفلق. ونكر {عدة} ولم يقل: فعدتها، أي: فعدة الأيام التي أفطرت اجتزاء، إذ المعلوم أنه لا يجب عليه عدة غير ما أفطر فيه مما صامه، والعدة المعدود، فكان التنكير أخصر و{من أيام} في موضع الصفة لقوله فعدة، وأخر: صفة لأيام، وصفة الجمع الذي لا يعقل تارة يعامل معاملة الواحدة المؤنثة وتارة يعامل معاملة جمع الواحدة المؤنثة. فمن الأول: {إلا أياما معدودة}(البقرة: 80)} ومن الثاني: {إلا أياما معدودات}(آل عمران: 24)} فمعدودات: جمع لمعدودة. وأنت لا تقول: يوم معدودة، إنما تقول: معدود، لأنه مذكر، لكن جاز ذلك في جمعه، وعدل عن أن يوصف الأيام بوصف الواحدة المؤنث، فكان، يكون: من أيام أخرى، وإن كان جائزا فصيحا كالوصف بأخر لأنه كان يلبس أن يكون صفة لقوله {فعدة}، فلا يدرى أهو وصف لعدة، أم لأيام، وذلك لخفاء الإعراب لكونه مقصورا، بخلاف : {أخر} فإنه نص في أنه صفة لأيام لاختلاف إعرابه مع إعراب فعدة، أفلا ينصرف للعلة التي ذكرت في النحو، وهي جمع أخرى مقابلة أخر؟ وأخر مقابل أخريين؟ لا جمع أخرى لمعنى أخرة، مقابلة الأخر المقابل للأول، فإن أخر تأنيث أخرى لمعنى أخرة مصروفة. وقد اختلفا حكما ومدلولا. أما اختلاف الحكم فلأن تلك غير مصروفة، وأما اختلاف المدلول: فلأن مدلول أخرى، التي جمعها أخر التي لا تنصرف، مدلول: غير، ومدلول أخرى التي جمعها ينصرف مدلول: متأخرة، وهي قابلة الأولى. قال تعالى: {قالت أولاهم لأخراهم}(الأعراف: 39)} فهي بمعنى: الآخرة، كما قال تعالى: {وإن لنا للآخرة والأولى}(الليل: 13)} وأخر الذي مؤنثه: أخرى مفردة آخر التي لا تنصرف بمعنى: غير، لا يجوز أن يكون ما اتصل به إلا من جنس ما قبله، تقول: مررت بك وبرجل آخر، ولا يجوز: اشتريت هذا الفرس وحمارا آخر، لأن الحمار ليس من جنس الفرس، فأما قوله:

صلى على عزة الرحمان وابنتها

ليلى، وصلى على جاراتها الأخر فإنه جعل: ابنتها جارة لها، ولولا ذلك لم يجز، وقد أمعنا الكلام على مسألة أخرى في كتابنا «التكميل».

{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قرأ الجمهور: يطيقونه مضارع أطاق، وقرأ حميد يطوقونه من أطوق، كقولهم أطول في أطال، وهو الأصل. وصحة حرف العلة في هذا النحو شاذة من الواو ومن الياء، والمسموع منه: أجود، وأعول، وأطول. وأغيمت السماء، وأخيلت، وأغيلت المرأة وأطيب، وقد جاء الإعلال في جميعها وهو القياس، والتصحيح كما ذكرنا شاذ عند النحويين، إلا أبا زيد الأنصاري فإنه يرى التصحيح في ذلك مقيسا إعتبارا بهذه الالفاظ النزرة المسموع فيها الإعتلال والنقل على القياس.

وقرأ عبد الله بن عباس في المشهور عنه: يطوقونه، مبنيا للمفعول من طوق على وزن قطع.

وقرأ الجمهور: فدية طعام مسكين، بتنوين الفدية، ورفع طعام، وإفراد مسكين، وهشام كذلك إلا أنه قرأ: مساكين بالجمع، وقرأ نافع، وابن ذكوان، بإضافة الفدية والجمع وإفراد الفدية، لأنها مصدر. ومن نون كان طعام بدلا من فدية، وكان في ذلك تبيين للفدية ما هي. ومن لم ينون فأضاف كان في ذلك تبيين أيضا وتخصص بالإضافة، وهي إضافة الشيء إلى جنسه، لأن الفدية اسم للقدر الواجب، والطعام يعم الفدية وغيرها، وفي «المنتخب» أنه يجوز أن تكون هذه الإضافة من باب إضافة الموصوف إلى الصفة. قال: لأن الفدية لها ذات، وصفتها أنها طعام، وهذا ليس بجيد، لأن طعاما ليس بصفة، وهو هنا إما أن يكون يراد به المصدر كما يراد بعطاء الإعطاء، أو يكون يراد به المفعول كما يراد بالشراب المشروب، وعلى كلا التقديرين لا يحسن به الوصف.

صفحه ۳۸۶