هذا وإني لا أدعي الإحاطة بجميع حوادث الشهباء وجميع تراجم أعيانها في هذه القرون مع أني لم آل جهدا في الحصول على ما أمكن الحصول عليه في الديار السورية لأن ذلك من الأمور المستحيلة ، وعلى فرض إمكان ذلك فإنه موقوف على الحصول على جميع التواريخ التي ذكرناها في المقدمة وعلى مراجعة غيرها من التواريخ التي لم نذكرها في كتابنا. ومن رام الزيادة على ما وضعته فعليه أن يشد الرحال إلى الديار المصرية والرومية والغربية فهناك يجد باب الزيادة مفتوحا أمامه ، خصوصا إذا كان من الواقفين على اللغات الغربية المشهورة ويكون بذلك قد قام بخدمة جلى لمدينة الشهباء والله الهادي إلى سواء السبيل.
وكنت أود وضع قسمين آخرين يكونان متممين لهذا التاريخ أذكر في قسم محلات حلب ، وما في كل محلة من المدارس والجوامع والمساجد والرباطات والخانات وغير ذلك من الأماكن والآثار القديمة ، وأتكلم على كل مكان فأذكر اسم بانيه وواقفه وما وقفه وما هو نوع ذلك الوقف وحالة ذلك المكان الآن وحالة وقفه ، والقسم الثاني أذكر فيه أعمال الشهباء من البلاد والقرى وأحوالها الماضية والحاضرة وما هناك من الآثار القديمة وبقاياها.
ولا ريب أني أكون بذلك أحسنت الصنع وأكملت الوضع ووفيت تاريخ الشهباء حقه ، غير أني وجدت أن هذا العمل العظيم ليس في وسعي أن أقوم به وحدي ويحتاج إلى عدة أشخاص من الواقفين على اللغات الأجنبية والآثار القديمة يقومون بسياحة طويلة في هذه الأماكن ، ويقتضي لهؤلاء نفقات كثيرة لا يقوم بها إلا الحكومة ، فاكتفيت بما وضعته واقتنعت بما جمعته ، ولعل الله يلهم أولي الأمر بالقيام بهذا العمل الجليل في مستقبل الأيام.
هذا وإني أبسط يد الرجاء إلى الناقد البصير أن يسبل ذيل العفو ويصفح عما يجده من التقصير والسهو ، فإن الكمال لله جل جلاله والعصمة لأنبيائه العظام ورسله الفخام.
يا ناظرا فيما قصدت لجمعه
اعذر فإن أخا الفضيلة يعذر
صفحه ۲۹