آمنت بدون "ما" النافية قبلها وهو كذلك في بعض نسخ الرافعي وفي بعضها ما آمنت بإثبات "ما" وهو الصواب انتهى.
وما ذكر أنه الصواب ظاهر، ويفرق بينهما بأن الأول فيه تعليق الإيمان به على تعليق كونه نبيًا وهو تعليق صحيح لما فيه من تعظيم مرتبة النبوة، وفي الثانية تعليق عدم الإيمان به على كونه نبيًا ففيه تنقيص لمرتبة النبوة، حيث أراد تكذيبها على تقدير وجودها، وهذا فرق صحيح لا غبار عليه، والذي يظهر أنه لو قال: إن كان ما قاله النبي ﷺ الفلاني صدقًا نجوت أو كفر مكذبه أو نحو ذلك يكون كفرًا أيضًا، ولا يشترط ذكر جميع الأنبياء ولا أن يكون ما قاله ذلك النبي ﷺ يقطع بأنه عن وحي.
فإن قلت: للأنبياء الاجتهاد، وجرى قول في أنه يجوز عليهم الخطأ في الاجتهاد، فإذا قال ذلك في شيء يحتمل كونه ناشئا عن اجتهاد لا وحي كيف يكفر به؟
قلت: القول بعدم الكفر حينئذ وإن كان له نوع من الظهور، لكن القول بالكفر أظهر؛ لأن الإتيان بـ "إن" التي هي للشك والتردد في هذا المقام يشعر بتردده في تطرق الكذب إلى ذلك النبي، وهذا كفر، على أن القول بجواز الخطأ عليهم في اجتهادهم قول بعيد مهجور فلا يلتفت إليه، وعلى التنزل فقوله: إن كان صدقًا يدل كما تقرر على تردد في الكذب وهو غير الخطأ، لأن الخطأ هو ذكر خلاف الواقع مع عدم التعمد بخلاف الكذب، فإنه يدل شرعًا على الإخبار بخلاف الواقع تعمدًا فنتج الكفر بذلك، وإن قلنا بهذا القول البعيد المهجور، لأن قوله: إن كان صدقًا لا ينافي بناءه عليه لما تقرر واتضح ولله الحمد.
ومنها: قوله لا أدري أكان النبي ﷺ إنسيًا أم جنيًا أو قال: إنه جُنّ أو صغر عضوًا من أعضائه على طريق الإهانة، كذا أقراه، واعترضا بأن الحليمي صرّح بخلاف ذلك في الأولى حيث قال: من آمن به ﵊ وقال: لا أدري أكان بشرًا أم ملكًا أم جنيًا لم يضره ذلك إن كان ممن لم يسمع شيئًا من
1 / 117