عند انتفائها؟ لأن المجموع المركب من أمور إذا انتفى واحد منها لا بدّ وأن ينتفي ذلك المجموع، فإذا كان العمل داخلًا في حقيقة الإيمان فلا بد من انتفائه في حق الفاسق.
وحاول ابن التلمساني الجواب فقال: والظن بالشافعي أنه لم يحكم على الفاسق بخروجه عن الإيمان، لكن لا يلزم من عدم الحكم بالخروج عن الإيمان الحكم بعدم خروجه عن الإيمان، بل من الجائز أنه لم يحكم بالخروج ولا بعدمه، وإن كان يلزم من قوله: إن الإيمان عبارة عن مجموع الأمور الثلاثة، الحكم بالخروج لكن ضمنًا لا صريحًا.
وأما المعتزلة، فقد طردوا أصلهم؛ لأنه لما كان العمل عندهم داخل في حقيقة الإيمان قالوا: الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر.
قال الزركشي: وهذا الجواب لا ينفع في هذا المضيق ولعل الله ييسر حله. انتهى.
وأقول: قد يسر الله تعالى حله بما هو جلي وهو أن يقال في جوابه: إن الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: الإيمان يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقصها، فإن أريد الإيمان الكامل كانت الأعمال داخلة في مسماه، ولزم انتفاؤه بانتفائها أو انتفاء بعضها، وصدق حينئذ على الفاسق أنه ليس بمؤمن بهذا الاعتبار، وإن أريد الإيمان المتكفل بالنجاة من النار المشار إليه بقوله تعالى:
1 / 108