ومنها: إلقاء المصحف في القاذورات لغير عذر ولا قرينة تدل على عدم الاستهزاء وإن ضعفت، والمراد بها النجاسات مطلقًا، بل والقذر الطاهر أيضًا كما صرح به بعضهم.
قال الروياني: وكالمصحف في ذلك أوراق العلوم الشرعية، ويؤيده ما يأتي فيمن قال: قصعة ثريد خير من العلم وكتب الحديث، وكل ورقة فيها اسم من أسمائه تعالى أولى بذلك في كون إلقائه في القذر مكفرًا، وهل مراد الروياني بالعلوم الشرعية الحديث والتفسير والفقه وآلاتها كالنحو وغيره، وإن لم يكن فيها آثار السلف، أو يختص بالحديث والتفسير والفقه؟ الظاهر الإطلاق وإن كان بعيد المدرك في ورقة من كتاب نَحوٍ مثلًا ليس فيها اسم معظم. وعبارة الزركشي في هذا المحل: ما ذكره: الرافعي في إلقاء المصحف في القاذورات لا يختص بالمصحف، بل كتب الحديث في معناه، وقد ألحق الروياني به أوراق العلوم الشرعية، ولا شك أن الحديث وما اشتمل عليه اسم من أسماء الله تعالى أعظم. انتهى.
وفهم بعض المتأخرين من هذه العبارة أنها مضعفة لكلام الروياني، وأنت خبير إذا تأملتها رأيت أن الأمر ليس كذلك، وأنه إنما ذكر ذلك تقوية لما ذكره من إلحاق كتب الحديث بالمصحف، فكأنه يقول: هو أولى بالحكم مما ذكره الروياني فتَعين ذكرها كما ذكر الروياني أوراق بقية العلوم الشرعية، وإن كانت داخلة في كلامه، ومن ذلك يعلم أن كل ورقة فيها اسم معظم من أسماء الأنبياء والملائكة يكون كذلك، وأن المراد بالمصحف ونحوه كل ورقة فيها شيء من القرآن أو الحديث أو نحوهما سواء أكتب القرآن للدراسة أم غيرها، وأن هذا المحل فارق فساد بيع ذلك من كافر والدخول به للخلاء لفحش ما هنا.
فإن قلت: الفرق ينافي ما تقرر قولهم: يحرم الاستنجاء بيد فيها خاتم عليه معظم، ولم يجعلوه كفرًا.
قلت: الفرق أن تلك حالة حاجة، وأيضًا فالماء يمنع ملاقاة النجاسة للمعظم،
1 / 77