ما امتن الله سبحانه على المصلي عليه من رحمته وغفرانه، وما حباه به من كرامته ورضوانه.
استخرت الله عز وجل في جمع ما وقع إلي مفردا من ذلك وتصنيفه، وضم الشكل منه إلى شكله وتأليفه، رجاء أن أحوز مأثرة باقية، وأفوز بها مكرمة سامية، أتعرض ببركتها لنفحات رحمة الله، وأتعوض بيمنها منازل الحظوة لديه والجاه. فعمل المرء بعده منقطع؛ إلا من صدقة جارية، أو دعاء ولد صالح، أو علم ينفع.
فانفردت لجمع ذلك وتخليصه، واستعنت الله على تحصيله وتلخيصه، حتى جلوته بمعونة الله وتأييده وتوفيقه، جلت قدرته وتسديده، كتابا كاملا في معناه، بديعا في رصفه ومبناه. افتتحته بوجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ثم بكيفيتها، ثم بمواطنها، ثم بالحث عليها والتشديد في تركها، ثم بفضلها.
ولم أقصد إلى كتاب ألف في ذلك فأهتدمه وأنتحله، وأفرغ على قالبه وأنتثله، فأكرر لغير إفادة، وأنتسخ ما فرع منه دون زيادة. لكني تتبعت ذلك من أمهات المصنفات، وبفجاج الأجزاء المنثورات، أحاديث متفرقة تتعب الطالب، وتصرف دون بغيته الراغب، لافتراق أشكالها، وكثرة الحائل بين أمثالها. ولم أعدل عما صح إسناده، وكثر في كتب الأئمة تكراره وترداده، وعن ما اشتهر نقلته بالستر والسلامة، وإن لم يبلغوا درجة أهل الاتفاق والإمامة، وعن ما حملته الجهابذة وحملوه، وإن تركوا بعض نقلته وغمزوه، ولم أعرج على من بانت نكرته، وسقطت عن مرتبة العدالة أصلا نقلته.
وإلى الله تعالى نبتهل في الدعاء، ونجأر بجزيل الشكر وحفيل الثناء على ما ألهم من ذلك ووفق إليه، ونهج من كماله والعون عليه. وأسأله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، كما اختصنا بأكرم أصفيائه، وخاتم أنبيائه، وهدانا لدينه وجعلنا من أمته؛ أن يتوفنا على ملته، ويحشرنا في الناجية زمرته، وينفعنا بما علمنا، ويجعلها حجة لنا لا علينا، بيده لخير، وهو على كل شيء قدير.
صفحه ۱۲