اعجاز قرآن
إعجاز القرآن للباقلاني
پژوهشگر
السيد أحمد صقر
ناشر
دار المعارف
شماره نسخه
الخامسة
سال انتشار
١٩٩٧م
محل انتشار
مصر
/ ومنها أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعاني اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب في البلاغة.
والتشابه في البراعة، على هذا الطول، وعلى هذا القدر.
وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم (١) قصائد محصورة، يقع فيها ما نبينه بعد هذا من الاختلال، ويعترضها ما نكشفه من الاختلاف، ويشملها (٢) ما نبديه من التعمل والتكلف، والتجوز والتعسف.
وقد حصل القرآن على كثرته وطوله متناسبًا في الفصاحة، على ما وصفه الله تعالى به، فقال عز من قائل: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها، مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) * (٣) وقوله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (٤) فأخبر سبحانه أن كلام الآدمي إن امتد وقع فيه التفاوت، وبان عليه الاختلال.
وهذا المعنى هو غير المعنى الأول الذي بدأنا بذكره، فتأمله تعرف الفصل (٥) .
* * * / وفي ذلك معنى ثالث: وهو أن عجيب نظمه، وبديع تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين، على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها: من ذكر قصص ومواعظ واحتجاج، وحكم وأحكام، وإعذار وإنذار، ووعد ووعيد، وتبشير وتخويف، وأوصاف، وتعليم أخلاق كريمة، وشيم رفيعة، وسير مأثورة.
وغير ذلك من الوجوه التي يشتمل عليها.
ونجد كلام البليغ الكامل، والشاعر المفلق، والخطيب المصقع - يختلف على حسب اختلاف هذه الأمور.
فمن الشعراء من يجود في المدح دون الهجو.
ومنهم من يبرز في الهجو دون المدح.
ومنهم من يسبق في التقريط دون التأبين.
ومنهم من يجود في التأبين دون التقريط.
_________
(١) م: " شاعر " (٢) س: " ويقع فيها " (٣) سورة الزمر: ٢٣ (٤) سورة النساء: ٨٢ (٥) س: " الفضل " (*)
1 / 36