الشهر خمسا، وإنما يراد بالصوم الأيام دون الليالي، ولو ذكرت الأيام لم تجد بدا من التذكير) . انتهى.
وهذا قد يؤخذ منه موافقة ابن عصفور، لكني أقول: التأنيث في ثمان يحتمل أن يكون لأجل ازدواجها مع سبع، كما قيل: الغدايا والعشايا، ونحو ذلك، وتعليل الجوهري بحذف المعدود ينبغي أن يجعل مع هذا المعنى علة وبمجموعهما يحسن التأنيث، وأما بمفرده فيتنازع فيه.
واعلم أن الجوهري وغيره من المصنفين في اللغة إذا نقلوا نقلا أخذناه مسلما مقبولا، وإذا تصرفوا وعللوا نظرنا في كلامهم كغيرهم من المصنفين في العلوم، والمقصود شاهد من لسان العرب على التأنيث إذا حذف المعدود في غير الأيام، ولم نجده في الأيام إذا أريدت الليالي معها وحذف المعدود حذفت التاء في الفصيح الذي جاء به، ولا يجوز خلاف ذلك إلا قياسا وليس بسماع، وإن أردت الأيام وحدها فيجوز الوجهان، والحديث وحكاية الكسائي وغيره يشهدان للحذف، فهذه ثلاث مراتب، ومن رام التسوية بين الأيام وغيرها وأخذ بكلام الزمخشري وأوجب حذف التاء إذا حذف المعدود المذكر غير الأيام رد عليه بالآيات التي ذكرناها، ومما يدل على الفرق بين الأيام وغيرها أن سيبويه مع تجويزه الأمرين في الأيام كما سبق قال: ويقال: أعطاه خمسة عشر من بين عبد وجارية لا يكون في هذا إلا هذا؛ لأن المتكلم لا يجوز له أن يقول: خمسة عشر عبدا، فيعلم أن ثم من الجواري بعدتهم، ولا خمس عشرة جارية، فيعلم أن ثم من العبيد بعدتهن، فلا يكون هذا إلا مختلطا يقع عليهم الاسم الذي بين به العدد. انتهى.
فقد نص في هذا الكلام على أنه لا بد من التاء في قوله: من بين عبد وجارية، مع قوله بالحذف في نظيرها لو قال: من بين يوم وليلة. وهذا نص في الفرق، وفرق من حيث المنى بأن الأيام تدخل في الليالي، وجنس العبيد
1 / 37