ابراهیم ثانی
إبراهيم الثاني
ژانرها
قالت باسمة: «والفتاة؟»
قال: «والفتاة أيضا، فإن المناعة لا تكتسب بين أربعة جدران، بل بالمعاناة والمكابدة، أم تخشين العاقبة على الفضيلة؟ - وضحك - إن فضيلة معظم فتياتنا هى فضيلة الجدران السميكة، ولهذا لا تكاد الفتاة تزايل ما يحيط بها من الجدران - المادية والمعنوية - حتى تضل، لأنها لا تستطيع، ولا تعرف، كيف تقاوم، كالذى يلبس ثيابا كثيرة كثيفة، فهذه الثياب هى التى تقاوم وتحميه، ويكفى أيسر التعرض لإصابته بالمرض الذى يتقيه، وعلى خلاف ذلك من يعتاد التخفيف، فإن بدنه يحتاج إلى المقاومة فيتعودها ولا يضيره التعرض، كما يضير الذى يبالغ فى التوقى».
وكان وجهه إلى الماء، وهى جالسة بحيث ترى معظم المقهى، فقالت بلهجة أقرب إلى الخفوت: «لو كنت أسدل على وجهى نقابا كثيفا، لكان خيرا لى الان على الأقل».
فلفته خفوت الصوت، واضطراب النبرة، وقال، وأمال وجهه إليها: «ماذا تعنين؟»
قالت: «صادق، ومعه فتاة».
قال: «آه ... لم يكن هذا فى الحساب.. تبسمى له وادعيه».
ففعلت بجهد. وأقبل صادق يحمل على ذراعه فتاة بارعة الحسن، زاهية الثياب، وعلى رأسها قبعة كبيرة من الخوص. وحياهما إبراهيم كأنما كان على موعد معهما، ولكنه لم يبالغ فى الترحيب حتى لا يخرج إلى التكلف.
وسألته ميمى: «ماذا جاء بك إلى هنا؟»
قال: «لأن هذا المكان، فى مثل هذا الوقت، يكون أحلى من غيره. ففى وسعنا أن ندندن ببعض المنولوجات التى أعددتها للإذاعة. على فكرة.. هذه فتحية.. تلميذتى.. أو إحدى تلميذاتى.. أبرعهن جميعا فى الحقيقة وأحلاهن صوتا.. وهذا.. الأستاذ إبراهيم.. وميمى بنت خالتى.. حدثتك عنها كثيرا. ألا تذكرين؟»
وقال بعضهم لبعض: «تشرفنا».
صفحه نامشخص