ابراهیم ابو الانبیا
إبراهيم أبو الأنبياء
ژانرها
إن إبراهيم صاحب دعوة دينية، وليس في المصادر الإسرائيلية ما يدل على أنه قد صنع شيئا لنشر دعوته، وكل ما ورد عنه في هذا الكتاب أنه أقام مذبحا في كل منزل من منازل الطريق، ثم ترك البلاد جميعا في رعاية الأحبار الذين كانوا مؤمنين ب «إيل عليون» قبل وفوده إلى كنعان، وليس في ذلك مقنع لصاحب دعوة دينية يغادر دياره في سبيل هذه الدعوة.
فأقرب ما يرد على الخاطر أن إبراهيم قد ذهب إلى حيث يصنع شيئا باقيا في سبيل دعوته، ولا مذهب له إذن إلى غير الحجاز. وهذه هي تتمة السيرة التي لا بد منها في حياة نبي ينتمي إليه سائر الأنبياء، وإلا كانت نسبة الدعوة إليه من أعجب الأمور.
وقد جاء في المأثورات جميعا أن إبراهيم شهد عصر الكوارث والرجوم في مدن فلسطين الجنوبية، وبقيت آثار البتراء «سلع» إلى اليوم، وفيها أنصاب من هذه الرجوم في أماكن العبادة، حفظوها تذكيرا لأنفسهم بقضاء الله؛ لأنها هبطت من السماء عقابا للمذنبين.
ولم يذكر مصدر من المصادر أن إبراهيم كان يحمل معه حجرا من هذه الأحجار، ولكنه إذا تعمد أن يقيم مذبحا باقيا على طريقته، فالحجر من النيازك أحق أن يحتفظ به من سائر الحجارة، وليس من اعتساف
4
التفسيرات أن يقال: إن الحجر الأسود نقل من البتراء عند بناء الكعبة، وقد تبين بعد ذلك أنهم نقلوا كثيرا من طريق البتراء بعد اتخاذ الكعبة بيتا للأصنام قبل الإسلام ببضعة أجيال، وليس من المسائل العرضية أن تتشابه الحجارة في قوام تركيبها، وهي تختلف في بنيتها المعدنية والصخرية كما هو معلوم.
وربما سميت مكة وبكة باسم البيت الذي بني فيها؛ لأن البك والبكة كانا يطلقان على البيت في اللغة السامية الأولى، ومنها بعلبك بمعنى بيت البعل، وربما كانت من مادة القربان في السبئية والحبشية؛ لأنهم كانوا يطلقون المقربة على المحراب المقدس، وبطليموس الجغرافي قد ذكرها باسم مكربة
Macaraba
نقلا عن أهل اليمن، ولكن التصحيف هنا بعيد، ولا تسمى البلدة باسم القربان فيها إلا إذا أصبحت محجة لقصادها من المؤمنين بكعبتها، وقد مضى على السبئيين زمن وهم يعيشون في شمال الجزيرة، فلم يذكروها بهذا الاسم في آثر من الآثار.
وفي مقاييس الكعبة شاهد لا يجوز إهماله عند البحث في أصل بنائها، فإنها قد بنيت مرات كما هو معلوم، وكان البناة في كل مرة يحافظون على معالمها القديمة حيث أمكنت المحافظة عليها، وقد تعذر عليهم أن يحافظوا على أبعاد جوانبها لدخول الحجر «بكسر الحاء» فيها تارة، وخروجه منها تارة أخرى، ولكنهم حافظوا على ارتفاعها كما جاء في أكثر الروايات، وارتفاعها الآن سبع وعشرون ذراعا، أو خمسة عشر مترا،
صفحه نامشخص