عصر ابن تيمية
البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه
كما يقول العليم الحكيم، ومن أصدق من الله قيلا! وللبيئة - كما للوراثة - أثرها الكبير في الإنسان إلا أن يشاء الله، سواء في ذلك البيئة الطبيعية والاجتماعية والسياسية. وقد تحكمت البيئة في حياة كثير من الناس ومصايرهم، وبخاصة الذين صبروا على ما فيها من عادات وتقاليد متأصلة، فلم يعملوا للخروج عنها مع ما قد يكون فيها من ضلال وفساد، ومنهم من كانوا يقولون كما حكى الله عنهم:
إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
1
ولم يخرج عن أحكام البيئات الضالة إلا الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكذلك المصلحون المجددون الذين ثاروا على ما توارثوه من عادات وتقاليد ليست من الحق في شيء، فعملوا على الوقوف دونها وتغييرها، وتحملوا صابرين راضين بما لقوا من اضطهاد وبلاء في هذه السبيل، ومنهم كان الإمام تقي الدين ابن تيمية، كما سنعرف في القسم الخاص بحياته وجهاده وكفاحه.
ولذلك، يجب علينا أن نبدأ هذا الكتاب بالكلام، دون تفصيل، عن العصر الذي عاش فيه ابن تيمية وما سبقه بقليل،
2
فنعرض أولا للحال السياسية، ثم بعدها للحال الاجتماعية؛ لننتهي بالحال العقلية والعلمية.
ومن ثم نتبين أي زمن عاش فيه من نواحيه كلها، وكيف كان قدرا مقدورا عليه أن يكافح ما رأى فيه من فساد، وذلك من حين بلغ الشيخ أشده واستوى وآتاه الله حكمة وعلما.
صفحه نامشخص