صلى الله عليه وسلم
باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله حيث قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة.»
7
وفي رسالة أخرى كتبها إجابة عن استفتاء ورد إليه، بشأن ما يجب على المسلم الإيمان به من صفات الله تعالى، نراه يقول بعد أن ذكر بعض ما جاء في القرآن والسنة من الصفات: «إذا تبين هذا، تبين أن ما جاء به الرسول هو الحق الذي يدل عليه المعقول، وأن أولى الناس بالحق أتبعهم له وأعظمهم له موافقة، وهم سلف الأمة وأئمتها الذين أثبتوا ما دل عليه الكتاب والسنة من الصفات، ونزهوه من مماثلة المخلوقات ...» إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى.
8
ونكتفي بما قدمناه عن هذا العنصر الأساسي الأول لمنهج ابن تيمية، وسنجده واضحا تماما في تفسيره لكتاب الله، وفي غيره من العلوم الإسلامية التي كتب فيها، وذلك عندما نبحث في القسم الثاني آراءه ومذهبه فيها، ونعرض الآن للعنصر الثاني من المنهج الذي لم يحد عنه قيد شعرة في كل ما كتبه.
اعتماده على العقل في مجاله
وما ينبغي لنا أن نظن أن ابن تيمية يهمل العقل وتفكيره حين يجعل الكتاب والسنة وآثار الصحابة ومن إليهم سنده الأول في بحوثه وآرائه، بل مستنده الوحيد بعبارة أدق، فإن فهم كتاب الله وسنة رسوله فهما عميقا حقا يحتاج بلا ريب إلى قلب واع وعقل مفكر نافذ، ولكنه كان يعرف للعقل قيمته ومجاله الذي يصول فيه ويجول، فلا يجاوز به هذا المجال ولا يرتفع به عن قدره.
ولكن معرفة هذا المجال هي المشكلة التي شغلت الفلاسفة والمفكرين في كل عصر، وبخاصة مفكري الإسلام ورجال الفلسفة فيه، فإن منهم من آمن بالعقل ونظره إيمانا راسخا، ووثقوا به ثقة مطلقة، فكان هذا سبب ضلال بعضهم إلى حد كبير، حين ظنوا أنهم بعقولهم وحدها قادرين على معرفة عالم الشهادة وعالم الغيب أيضا!
إن القرآن دعا حقا إلى وجوب ملاحظة ما خلق الله من عوالم مختلفة، وإلى إعمال العقل فيها؛ وذلك ليصل الإنسان إلى الإيمان بإله واحد خلق ذلك كله؛ ولذلك نجد آيات كثيرة تختم بهذه الجمل وأمثالها التي لها دلالتها: لعلكم تعقلون، لعلكم تذكرون، لعلكم تهتدون، لقوم يتفكرون.
صفحه نامشخص