وكان يوقف على كل منها ما يضمن لها البقاء ويهيئ لطلابها وشيوخها سبيل المعيشة الراضية، ويلحق بها مكتبة تعينهم على البحث والدرس والتزود من مختلف العلوم بخير زاد، وما على الراغب في معرفة أهمية هذه الضروب من مراكز العلم والمعرفة إلا أن يرجع إلى كتب التاريخ التي عنيت بهذا العصر.
فقد بنى السلطان صلاح الدين بالقاهرة المدرسة السيوفية للأحناف، ووقف عليها ما ينفق منه على من يقوم بالتدريس فيها وعلى الطلبة وعلى قدر طبقاتهم.
وبنى القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني المدرسة الفاضلية سنة 580، وجعلها لطائفتي الفقهاء الشافعية والمالكية، ووقف بها - كما يقول المقريزي - جملة عظيمة من الكتب في سائر العلوم يقال إنها كانت مائة ألف مجلد.
10
وكان بالقاهرة أيضا المدرسة الصالحية التي بناها الملك الصالح نجم الدين أيوب، وجعلها لفقهاء المذاهب الأربعة؛ إذ رتب لكل أصحاب مذهب درسا فيها في سنة 641، وهو أول من عمل بديار مصر دروسا أربعة في مكان كما يقول المقريزي.
11
ويذكر المقريزي بعد ذلك المدرسة المنصورية التي بناها هي والقبة التي تجاهها الملك المنصور قلاوون الألفي سنة 684، ورتب بها دروسا أربعة لأصحاب المذاهب الأربعة المعروفة، ودرسا للطب، كما جعل بالقبة درسا للحديث ودرسا للتفسير، وكانت هذه التداريس لا يعمل فيها إلا أجل الفقهاء المعتبرين.
ويذكر المقريزي أنه كان بهذه القبة خزانة جليلة كان فيها عدة أحمال من الكتب في أنواع العلوم، مما وقفه الملك المنصور وغيره، وقد ذهب معظم هذه الكتب وتفرق في أيدي الناس.
12
وذكر هذا المؤرخ بعد ذلك المدرسة الناصرية التي كمل بناؤها سنة 703، وكان هذا بأمر الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكانت لأصحاب المذاهب الأربعة، يقوم بتدريس كل مذهب فقيه من أجل فقهائه، كما كان لطلابها معاليم تجري عليهم.
صفحه نامشخص