واذا كان في المساله قولان: فان كان الانسان يظهر له رجحان احد القولين عمل به، والا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان ارجح القولين.
بل المحذور جدا ان يتعرض للاجتهاد من لم تتوفر فيه شرائطه: فالذى يخاف على بعض العلماء ان يكون قاصرا في درك حكم مساله ما، فيقول مع عدم اسباب القول وان كان له فيها نظر واجتهاد، او يقصر في الاستدلال فيقول قبل ان يبلغ النظر نهايته مع كونه متمسكا بحجه، او يغلب عليه عاده او غرض يمنعه من استيفاء النظر لينظر في ما يعارض ما عنده، وان كان لم يقل الا بالاجتهاد والاستدلال، فان الحد الذى يجب ان ينتهى اليه الاجتهاد قد لا ينضبط للمجتهد.
عذر المجتهد :
ان العلماء المقبولين عند الامه متفقون يقينيا على وجوب اتباع الرسول(ص)، ولكن اذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه، وجميع الاعذار ثلاثه اصناف:
احدها : عدم اعتقاده ان النبى (ص) قاله.
والثانى : عدم اعتقاده اراده تلك المساله بذلك القول.
والثالث : اعتقاده ان ذلك الحكم منسوخ.
وفى كثير من الاحاديث يجوز ان يكون للعالم حجه في ترك العمل بالحديث لم نطلع نحن عليها. وفى موارد الاجتهاد امارات بعضها اقوى من بعض وعلى المجتهد ان يجتهد في طلب الاقوى، فاذا راى دليلا اقوى من غيره ولم ير ما يعارضه عمل به ، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. واذا كان في الباطن ما هو ارجح منه كان هو الحكم ، فقد يكون في نفس الامر دليل آخر على القول الاخر لم يعلم به المستدل، وهذا هو الواقع في عامه موارد الاجتهاد.
والمجتهد مع خطئه له اجر، وذلك لاجل اجتهاده، وخطوه مغفور له.
صفحه ۵۴