تشخيص موفق، وان كان مجملا ينقصه شيء من التفصيل والتمثيل، الا انه اعط ى جوابا صحيحا لهذه الظاهره، ظاهره الفصل بين الدين والدوله.
غير ان هذه المقوله اليتيمه بقيت عجماء لا تنطق..
وبقى للسلطان الحديد وحده، يقبضه بكلتا يديه، حتى غلبت قعقعته نبرات صبيان وشيوخ يرتلون القرآن عند الفجر وقبيل الغروب في زوايا مخنوقه هنا وهناك!.
فاوسع سوح القرآن: افنيه المساجد وزوايا تعليم الصبيان، وساعه في اذاعه تتفضل على المحزون ليستريح على نبرات من يهوى من القراء!!.
وانما تمسك اصحابه بالامس، وانصاره من بعد، وحتى يومنا هذا، بمقولته الاخرى التى جاءت على نقيض الاولى!.
كلمه قصيره المبنى، خطيره المعنى، يقول فيها: (انا رجل مله، لا رجل دوله)!.
ليحقق لذلك الشرخ اللاشرعى اتم معانيه، فللمله رجالها، وللدوله رجالها، وضاع اتفاق القرآن والحديد، وذهب ادراج الرياح!.
والذى زاد في تحقيق هذا المعنى ان سيرته كلها قد جاءت وفاقا لمقولته الاخيره، فهو لا يرى مخالفه السلطان والخروج عليه الا شرا لا خير فيه، مهما كان السلطان متماديا في الظلم والفجور، بلى، وان كان ذلك السلطان يزيد بن معاويه، وكان الناهض بوجهه والراد عليه سيد شباب اهل الجنه الحسين بن على وابن فاطمه الزهراء البتول:!.
موقف داحض محجوج بقوله الاول، بعد ان كان محجوجا بالكتاب الحكيم الذى ما انزل الا ليحكم فيكون دستورا للحياه ومنهاجا، ومحجوجا بسيره المصطفى(ص) الذى ما كان الا رجل دين ودوله، ومحجوجا باجماع الصحابه على ان يقدموا عليهم رجلا واحدا هو رجل الدين والدوله معا.
ومع هذا فهو المنتخب في منهاجه كما سياتى في غير موضع.
نزاعه مع الفرق والطوائف :
نزاع كثير، وفتن دائره بين الفرق الاسلاميه المختلفه، والطوائف المنحرفه، والديانات الاخرى التى كانت تعيش جميعا في تلك البلاد وعلى درجات متفاوته في الضعف والقوه، وفى القرب او البعد من بعضها.
صفحه ۴۲