وذلك ان السلطان اتم الله نعمته، وحصل للامه بيمن ولايته، وحسن نيته، وصحه اسلامه وعقيدته، وبركه ايمانه ومعرفته، وفضل همته وشجاعته، وثمره تعظيمه للدين وشرعته، ونتيجه اتباعه لكتاب الله وحكمته، ما هو شبيه بما كان يجرى في ايام الخلفاء الراشدين...).
وفى سنه 716 ه توفيت والدته.
وبعد اربع سنين من هذا التاريخ في سنه 720 ه ثارت عليه ثائره دمشق اثر مسائل في الطلاق افتى فيها بخلاف المذاهب الاربعه، واستدعى للقضاء ومنع من الافتاء، وسجن خمسه اشهر ثم افرج عنه بامر من السلطان، وسكن الامر.
وتجددت الفتنه على اشدها في سنه 726 ه على اثر تجديده الكلام في فتواه بتحريم شد الرحال الى قبور الانبياء والصالحين، وعثروا له على كتاب كتبه في هذه المساله منذ سنه 710 ه ، وكان له كلام متقدم على هذا ايضا ذكره في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم).
وكثر الكلام والتشنيع عليه، وحصلت فتنه طار شررها في الافاق، ورفعوا ذلك الى السلطان فتردد في امره، ثم خفف عليه شيئا من شده الامر انتصار علماء بغداد له، فبعثوا كتبا بموافقه رايه، منهم: ابن الكتبى الشافعى، ومحمد بن عبدالرحمن البغدادى المالكى شيخ المالكيه بالمدرسه المستنصريه، وعبدالمومن بن عبدالحق الخطيب، وجمال الدين ابن البتى الحنبلى. كما كتب بعض علماء دمشق في نصرته ايضا، منهم ابو عمرو بن ابى الوليد المالكى، وآخرون.
وبين هذا وذاك راى السلطان ان ينقل الشيخ الى قلعه دمشق اخمادا للفتنه، فاقام معه في القلعه اخوه في قاعه حسنه اعدت له، ورسم له السلطان بما يقوم بكفايته من الاموال.
وهناك تفرغ للكتابه، والى جنبه ما يحتاجه من الكتب، فكتب في الرد على خصومه من القضاه المالكيه والشافعيه، وكتب في التفسير ايضا، كما كتب في مراسله انصاره كثيرا، وكانت تاتيه كتبهم، فيغسلها بعد قراءتها، وقد كتب في ذلك بخطه الى بعضهم فقال: (الاوراق التى فيها جواباتكم غسلت).
صفحه ۳۱