"وممن غَلِطَ في هذا أيضًا: محمد بن عثمان الذهبي في كتابه (الضعفاء) فقال: مطرف بن مصعب المدني ... ". يعني: وأن الصواب فيه: مطرف أبو مصعب.
فهكذا نجد ابن القَيِّم ﵀ في هاتين المرتين ينقل عن الذهبي: مرة مستفيدًا منه، ومرة متعقبًا إياه، بدون أن يصرح في أي من المرتين بأنه شيخه، أو أنه سمع منه.
ثم إن الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - لَمَّا وقف على نص (رسالة الموضوعات) وما جاء فيها من تصريح ابن القَيِّم بأن الذهبي شيخه، استبعد ذلك قائلًا: "والذهبِيُّ من تلامذة ابن القَيِّم، ولم أر ابن القَيِّم في شيء من كتبه المطبوعة يذكر الذهبي وينقل عنه"١. ثم حكم - بناء على ذلك - بغرابة أسلوب هذه الرسالة على مسلك ابن القَيِّم في التأليف، وَتَوَقَّفَ بالتالي في الحكم بنسبتها لابن القَيِّم٢.
وأقول: إن كلام الشيخ بكر في نفي مشيخة الذهبي لابن القَيِّم فيه نظر؛ ويتضح ذلك بما يلي:
- أما قوله بأن الذهبي من تلامذة ابن القَيِّم: فإنه مما لا دليل عليه، وسيأتي التنبيه على ذلك عند الكلام على تلاميذ ابن القَيِّم، وبيان ضعف الدليل الذي اعتمده الشيخ في الحكم بذلك٣.
١ ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص١٧٨ - ١٧٩) .
٢ وسيأتي تحقيق القول في ذلك إن شاء الله، عند الكلام على مصنفات ابن القَيِّم. انظر: (ص ٣١٣) .
٣ انظر: (ص ٢٠٠ - ٢٠٢) .