Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
ناشر
دار الفكر العربي
محل انتشار
القاهرة
المضار ، ولا يناله السرور واللذات ، ولا يلحقه العجز والنقص تقدس عن ملامسة النساء ، وعن اتخاذ الصاحبة والأبناء .
وقد بنوا على هذا الأصل استحالة رؤية الله سبحانه وتعالى لاقتضاء ذلك الجسمية والجهة ، وبنوا على هذا الأصل أيضاً أن الصفات ليست شيئاً غير الذات ، وإلا تعدد القدماء في نظرهم ، وبنوا على ذلك - ثالثاً - أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم صفة الكلام عنه سبحانه .
وأما العدل فمعناه أن سبحانه وتعالى لا يحب الفساد ، ولا يخلق أفعال العباد ، بل يفعلون ما أمروا به ، وينتهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم، وركبها فيهم، وأنه سبحانه لم يأمر إلا بما أراد ، ولم ينه إلا عما كره وأنه سبحانه ولي كل حسنة أمر بها ، وبرىء من كل سيئة نهى عنها ؛ لم يكلفهم مالا يطيقون ولا أراد منهم مالا يقدرون عليه .
وأما الوعد والوعيد، فهو أن يجازي المحسن إحساناً ، ومن أساء السوء ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب .
وأما المنزلة بين المنزلتين، فقد قررها واصل بن عطاء شيخ الاعتزال بقوله :
((إن الإيمان عبارة عن خصال الخير، إذا اجتمعت سمى المرء مؤمناً، وهو اسم مدح ، والفاسق لم يستجمع خصال الخير ، ولا استحق اسم المدح. فلا يسمى مؤمناً ، وليس بكافر أيضاً، لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لإنكارها ، لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار ، وليس في الآخرة إلا الفريقان ، فريق الجنة وفريق السعير ، ولكنه تخفف عنه النار ، وتكون دركته فوق دركة الكفار .
وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد قرروا وجوبهما على المؤمنين. نشراً للدعوة الإسلامية ، وهداية للضالين ، وإرشاداً للغاوين ، وكل بما يستطيع ، فذو السيف بسيفه ، والعالم بعلمه ، وذو البيان ببيانه .
١٦١ - والمعتزلة اعتمدوا في الاستدلال لعقائدهم على القضايا العقلية
128