Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
ناشر
دار الفكر العربي
محل انتشار
القاهرة
خليفة فصنع ما صنع، وقد استمر ذلك الادعاء إلى سنة ٤٥٥ هـ فادعى موته وأنه عهد إلى المعتضد (١) هذا.
ولقد كشف ذلك ابن حزم وذكر وقت قيامه ونشره بين الناس في عباراته العنيفة القاسية التي لا تأبه بأحد، ولا يهمها إلا الحق تقرره، فهو يقول في كتابه نقط العروس:
«أخلوقة لم يقع مثلها في الدهر فإنه ظهر رجل حصرى بعد اثنتين وعشرين سنة من موت هشام بن الحكم المؤيد وادعى أنه هو، فبويع له وخطب له على جميع منابر الأندلس في أوقات شتى، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره» (٢).
٥٦ - هذه كلمات موجزة تشير إلى حكم المعتضد هذا وخلقه وسياسته في الجملة، ولقد كانوا يشبهونه بأبي جعفر المنصور من خلفاء بني العباس، ولكنه كان يزيد عليه أنه لاينى عمن يعاديه، سواء أكان صغيراً أم كبيراً، فهو يبلغه أن رجلاً كفيفاً يذكره بغير الخير، فيصادر أمواله، حتى يخلص الكفيف نجياً إلى مكة، ويشتد في ذكره بالسوء فيلاحقه بالسم يدسه إليه.
وإذا كان إمام دار الهجرة مالك رضي الله عنه قد اضطهد في عهد أبي جعفر المنصور، وضرب بالسياط، فإمام الأندلس ابن حزم قد أحرقت كتبه في عهد المعتضد، فكان التشابه في الجملة كاملاً.
ولكن في أي وقت كان ذلك الإحراق، أكان عقب خروجه من ميورقة مباشرة فقد خرج منها سنة ٤٤٠ أم كان إحراقها قبيل وفاته؟ وقد توفي كما علمنا في ٢٨ من شعبان سنة ٤٥٦ هـ يظهر أن واقعة الإحراق كانت بين الزمنين فلم تكن غب انتقاله من ميورقة، كما لم تكن قبيل وفاته. بل كانت بينهما. لأن الذين يذكرون خبر الإحراق يذكرون أنه آوى بعد
(١) المعجب في تلخيص أخبار المغرب ص ٩٦ طبع التجارية
(٢) رسالة نقط العروس طبع سنة ٥١ ص ٨٣ حققها الدكتور شوقي ضيف
48