ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
٦٦ (٧) ابراهيم بن اسحق الحربى وقد وصفه ابن أبى يعلى بقوله: ((كان إمامًا في العلم رأسًا في الزهد، عارفًا بالفقه بصيرًا بالأحكام، حافظًا للحديث، وصنف كتبًا كثيرة منها: غريب الحديث، ودلائل النبوة، وكتاب الحمام، وسجود القرآن، وذم الغيبة، والنهي عن الكذب، والمناسك، وغير ذلك))
وقد لازم أحمد نحوًا من عشرين سنة، وأخذ عنه حديثه وفقهه، ولذلك يقول لأصحابه: ((كل شيء أقول لكم هذا قول أصحاب الحديث، فهو قول أحمد بن حنبل، هو الذي في قلوبنا منذ كنا غلمانًا اتباع حديث رسول الله، وأقاويل الصحابة، والاقتداء بالتابعين))
ولم يأخذ عن أحمد الحديث والفقه فقط، بل أخذ عنه أيضًا الزهد والورع، فكان أشبه أصحابه به مسلكًا، يروى أن الخليفة المعتضد أرسل إليه عشرة آلاف درهم، فردها، فسأله أن يفرقها في جيرانه، فقال للرسول: عافاك الله هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفريقه، قل لأمير المؤمنين: إن تركتنا، وإلا تحولنا من جوارك)) وقد رد هدية من المعتضد، قدرها ألف دينار، وهو وأهله في حال من الجوع تعد من المخمصة التي تبيح تناول المحرمات، إذا لم يتمكن من سواها.
وقد كان مع عنايته بالفقه والحديث عالمًا باللغة لا يغادر مجالسها إلا للحديث والفقه، حتى إن ثعلب الإمام في اللغة يقول ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس لغة:
وقد كان من نقلة فقه أحمد وحديثه إلى الأخلاف كما قلنا، وتوفي سنة ٢٨٥ هـ.
أحمد بن محمد بن هارون أبو بكر الخلال
٦٧- ذكرنا هؤلاء العلية من أصحاب أحمد الذين كانوا من نقلة فقهه، ولم نذكرهم لأنهم وحدهم الذين نقلوا هذا الفقه، بل ذكرناهم؛ لأن بعضهم كان من أخص أصحابه، وبعضهم كان من أرواهم عنه، وبعضهم كان ممن عنى بكتابة فقهه، وأذنه بذلك، وبعضهم كان من أحفظ الناس لمسائله، حتى قبل لقائه، حق علينا أن ننقل كلمات عنهم ليكونوا صورًا معلمة لما كان عليه أصحاب الإمام، وهم جميعًا قد اشتركوا في نقل فقهه.
181