166

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

وقد ذكر الذهبى أنه لم يأخذ من الغريب الذى انفرد الراوى به إلا ما علم عند أهل الحديث ، وترك الغريب الذى لم يعلم لهم .

ومهما يكن من الأمر ، فهذا النوع من الأحاديث موجود فى المسند باتفاق العلماء من غير خلاف .

٤٨ - ولكن الذى هو موضع خلاف بين العلماء وجود الضعيف فيه، وإن المنطق العلمى يوجب علينا أن نفرض جواز ذلك فيه، وليس هذا الفرض احتمالا عقليا مجردا، كشأن الأمور التى لم يترجح فيها جانب عقلى على جانب ، بل هو احتمالى ناشىء عن دليل على ، وذلك لأمرين: ( أحدهما ) أن الامام أحمد رضى الله عنه كان يحذف منه إلى آخر حياته ، وقد نقلنا أنه حذف خبر أبى هريرة عن قريش ، وهو فى مرض الموت ، وإذا كان قد بدا له ضعيف بعد خفائه ، وأظهره ، فيجوز أن يكون الضعيف قد استمر مستترا حتى يوجد من يظهره .

ثانيهما - أن قاعدة الأمام التى ذكرها لابنه، ونقلناها آنفا أنه لا يرد المنسوب إلى السنة مما ذكر على ألسنة المحدثين ، إلا إذا كان ما يدفعه ، فهو لا يخالف ما ضعف إلا إذا كان فى الباب ما يدفعه كما صرح ، فهو لا يرد السنة للعلل الخفية كمخالفة قاعدة فقهية مشهورة ، ونحو ذلك ، بل إن عبارته لتومىء إلى أن فى المسند ضعفا.

٤٩ - ومع هذا الذى قررناه ، وهو متفق مع المنطق العلمى، ومع المقررات المنقولة عن الامام أحمد فى منهاجه نجد علماء الحديث يختلفون فى وجود حديث موضوع بل مكذوب فى المسند ، فيقول بعضهم ليس فيه حديث موضوع قط ، ويقول الآخر إن فيه ضعيفا، فأبن تيمية وإن كان يسلم أن فى بعض أحاديث المسند ضعفا من حيث الاصطلاح لا يسلم أن فيه موضوعا برواية أحمد ، وما يتبين أنه موضوع هو من زيادة القطيعى الذى رواه عن عبد الله بن أحمد، ويقول فى كتاب منهاج السنة: ((صنف أحمد کتابافی فضائل الصحابة أبى بكر وعمر ، وعثمان ، وعلى ، وغيرهم، وقد روى فى هذا الكتاب ما ليس فى مسنده، وليس كل ما رواه أحمد فى المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروى ما رواه أهل العلم، وشرطه فى المسند ألا يروى عن المعروف بالكذب عنده ، وإن كان فى ذلك ما هو ضعيف ، وشرطه فى المسند مثل من شرط أبى داوود

165