ويقدره. وقولنا تنزيهه عن كل ما لا يليق بكماله عبارة محررة من قول من يقول: بأوصاف الكمال فإن أكثر ما يتصور الناس من أوصاف الكمال ما هو كمال لأنفسهم كعلمهم وسمعهم وبصرهم والله تعالى منزه عنها فإن صفاته تعالى لا تشبه صفات البشر وعلمه وسمعه وبصره مباين لسمعهم وبصرهم وعلمهم فتنزيه كثير من الجهال يحتاج إلى تنزيه ومجامع التقديس أن تقدسه عن الشركاء والأضداد والنظير والولد وإحاطة الأبصار والحاجة إلى غيره وغير ذلك مما يستحيل عليه وأكثر الناس يعتقدون أن معنى القدوس الطاهر ولا شك أنه يدل على ذلك ولكنه ليس كل معناه فإن بناء طاهر لازم وقدوس مأخوذ من فعل متعد فمعناه مطهر بكسر الهاء أي أنه تعالى مقدس لنفسه بإخباره عنها التوحيد والإجلال والإكرام واستحالة النقائض عليه وعجز الأوهام عنه وخالق الأدلة على ذلك ومقدس لخلقه عن اعتقادهم فيه ما لا يليق بذاته والأول صفة ذات والثاني والثالث صفتا فعل وعن ابن عباس وقتادة القدس الذي منه البركات.
إذا عرفت ذلك فقوله تقدس لا يجوز أن يكون مطاوعا لقدس فإن المطاوع شرطه التأثر مثل كسرته فتكسر وذلك مفقود هنا والتقديس هنا مثل التصديق في أن المراد منه الإخبار عن الصدق فلا يأتي منه مضارع لكن يصح استعمال تقدس لموافقة المجرد وقال الراجز: "الحمد لله العلي القادس" ومن جملة معاني تفعل أن يوافق المجرد وإن لم ينطق بالمجرد ههنا في الفعل وقد قال القرافي في قوله تبارك وتعالى أن معناه تقدس وللمصنف في القرآن أسوة في استعماله تقدس وكذلك السهيلي وهو من المتقنين في العلم وقع في كلامه تقدس سبحانه عن مضاهاة الأجسام وقدوس مثل سبوح كان "س"1 يفتح أولهما والمشهور الضم فيها والتسبيح التنزيه ولم يرد السبوح في القرآن ولا في حديث أبي هريرة ولكن جاء التسبيح واختلف العلماء هل كونه سبوحا قدوسا يرجع إلى معنى خاص يسمى قدسا وسبحة أو وضعه بذلك يرجع إلى نفي محض وتنزيه عن النقائض ومعنى ذلك أنه هل هو صفة ثبوتية أو سلبية.
صفحه ۱۱