رضي الله عنه في سفره فمررنا بأرض كربلاء ، فقال علي (عليه السلام): «ها هنا مناخ ركابهم ، وموضع رحالهم ، ومهراق دمائهم ؛ فئة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يقتلون في هذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض» (1). وروى الشيخ فخر الدين الطريحي (ره) (2) قال : كربلاء موضع معروف ، وبها قبر الحسين بن علي (عليه السلام)، وروى أنه اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل (نينوى ، والغاضرية) بستين ألف درهم ، وتصدق بها عليهم ، واشترط عليهم بأن يرشدوا إلى قبره ، ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام ، وقد رووه عن الأئمة الطاهرين ، فهم لا يترددون في صحته ، ولا يرتابون فيه. أقول : إني لا أشك أن الحسين (عليه السلام) لما علم أن القوم غير تاركيه ، وأنهم سوف يقتلونه وينتهبون ثقله كما جرى ذلك ، فكل ما كان يحمله من النقد دفعه إلى بني أسد من أهل السواد ، وطلب (عليه السلام) ابتياع هذه البقعة منهم. والذي يحقق ذلك أن أهل الكوفة بعد مقتله حصلوا على غنائم وافرة ، بل على كل متاع الحسين (عليه السلام) نهبا ، وذكروا أشياء منه حتى الورس وغيره ، ولم يذكروا هناك أنهم عثروا على نقود في متاعه عندما انتهبوه ؛ فعلى هذا صح أن الحسين (عليه السلام) دفع لبني أسد كل ما كان في خزانته ، وابتاع منهم هذه الأرض كي لا تضيع معالم قبره ؛ لعلمه (عليه السلام) أن قبره سوف يكون مزارا لشيعته من أمة جده محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد ذكرها الشعراء بأشعارهم. هذه عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ترثي الحسين (عليه السلام)، وتذكر كربلاء ، وقولها :
وا حسينا فلا نسيت حسينا
أقصدته أسنة الأعداء
وذكر سبط ابن الجوزي في تذكرته أنه قال السدي : أول من رثى الحسين (عليه السلام) عقبة بن عمرو العبسي قال :
إذا العين قرت في الحياة وأنتم
تخافون في الدنيا فأظلم نورها
صفحه ۱۳۴