ومعنى التمسك بالقرآن العمل بما فيه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. ومن جملة ذلك تعظيم ما عظمه الله من عباده النبيين والمرسلين والملائكة وأصحاب الرسول ﷺ ومعرفة ما يجبلهم من الحرمة والتكريم والمحبة لإجلال الله ورسوله لهم وحبهما لهم. ومعنى التمسك بالعترة اتباعهم فيما اتبعوا فيه حكم الكتاب، وطاعتهم فيما أطاعوا فيه الله ورسوله، ومحبتهم لله ورسوله من غير إفراط بغلو ولا تفريط بتقصير.
وقوله: «لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» أي أهل بيتي أوصيكم بالتمسك بسيرتهم كما أوصيتكم بالتمسك بالقرآن، إنما جمعت لكم بين الوصية بهما لالتزام أهل بيتي بأحكام القرآن في سيرتهم التي هم عليها حال الوصية وأنهم لا يزالون عليها حتى يلقوا الله تعالى ملازمين لحكم القرآن فيبعثون على ما ماتوا عليه. والوصية بالتمسك راجعة بالأصالة إلى الموجودين من أهل البيت وهم علي وابناه والعباس وبنوه، وغيرهم بالتبعية إلى كل من سيحدث من نسلهم إلى آخرهم إن لم يفارق حكم القرآن المأمور بالتمسك به قبله ولم يبطل حكم الاقتران بالمخالفة ولم يقطع رحم المصطفى بمخالفة سنته السنية ورحم أهل بيته الطيبين الطاهرين بمخالفة سيرتهم المرضية.
ولا شك أن أهل بيته الذين أمرنا يومئذ باتباعهم والتمسك بهم قد ظهر فيه مصدق الملازمة بينهم وبين كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وامتازوا بذلك عن كافة من ابتدع في الدين وخالف الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالحين. وذلك لكثرة ما انتشر عن علي وابن عباس ﵄ من تفسير كتاب الله وإيضاح معانيه وكشف أسراره، ثم من نشر للحديث والفقه، ثم من علي بن الحسين وابنه جعفر وأمثالهم ومن مشى على منوالهم من بيان
1 / 111