فاعتبروا يا أولي القلوب والأبصار، ﴿وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير. إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير﴾
فصل
وما أورده الخصم من تعداد مناقب لسيدنا أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ففضل علي لا ينكر، وعلو منصبه وجلالة قدره أشهر، فوق ما ذكر بأضعاف كثيرة وأكثر، ولكن للصديق أيضا من الفضل ما هو أكبر، ونصيبه من عطاء الله أتم وأوفر، ﴿كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا. انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا﴾. وكما أن الرسل فضل الله بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات، فكذلك أتباعهم وأتباع أتباعهم هم درجات عند الله، والله بصير بما يعملون.
ثم إن كلامنا هذا إنما هو تبصرة وذكرى لكل عبد منيب، وأما الخصم فإنه يلزمه على مذهبه الفاسد إبطال ما احتج به، ورد ما أورده، لأن هذه الأحاديث كلها وغيرها إنما رواها الصحابة الذين أبطل عدالتهم ورد شهادتهم، ونقلها عنهم أتباعهم القائلون بمعتقدهم. ورد شهادتهم على مذهبه أولى. فكيف احتج بروايتهم فيما وافق رأيه وهواه، وردها فيما هو أهم من ذلك من نقل أصل الدين وما سواه. وأيما أعظم: اعتقاد التفضيل، أم اعتقاد هدم قواعد الشرع والتعطيل.
1 / 60