(22) وإذا أخذت الأنواع التي تشتمل عليها مقولة مقولة من هذه المقولات ورتبت بأن يجعل الأخص فالأخص منها تحت الأعم فالأعم تنتهي الأنواع التي في كل واحد منها إلى جنس عال، وتكون عنده الأجناس عشرة على عدد المقولات. فأعلى جنس يوجد في الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه كم هو يسمى الكمية. وأعلى جنس يعم جميع الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه كيف هو يسمى الكيفية. وأعلى جنس يعم جميع الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه أين هو يسمى الأين. وكذلك يسمى أعلى جنس يعم جميع الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه متى هو أو كان أو يكون يسمى متى. وأعلى جنس يعم جميع الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه أنه مضاف يسمى الإضافة. وأعلى جنس يعم جميع الأنواع التي تعرفنا في مشار مشار إليه أنه على وضع ما أو موضوع وضعاما يسمى الوضع. وأعلى ما يعرف في مشار مشار إليه أن له ما يتغشى جسمه يسمى أن يكون له. وأعلى ما يعرف فيه أن يفعل يسمى أن يفعل. وأعلى ما يعرف فيه أن ينفعل يسمى أن ينفعل.
(23) وأسبق هذه كلها علما هو علم المشار إليه الذي حاله الحال التي وصفنا دون الباقية. فإنه هو الذي يدرك أولا بالحس. ثم هو بعينه يوجد موصوفا ببعض هذه التي ذكرت، مثل أنه هو " هذا الإنسان " وأنه هو " هذا الأبيض " وأنه هو " هذا الطويل " . فمتى أخذ كل موصوفا بسائر المقولات الأخر أخذ مدلولا عليه باسم مشتق. وإذا أخذ كل واحد من هذه الصفات من غير أن يقال فيه " هذا " كأن يقال " هذا الإنسان " أو " هذا الأبيض " - بأن يقال " الإنسان " و" الأبيض " ، انطوى فيه المشار إليه بالقوة. فيصير ذلك وما أشبهه هو أول المعقولات، وكل واحد منهاإنما ينطوي فيه مشار واحد بعينه في العدد، فيصير " الإنسان " و" الأبيض " و " الطويل " واحد بعينه، فتميز المقولات بعضها عن بعض هذا التميز.
(24) ثم بآخره يقع من النطق تميز آخر. وذلك أن توجد هذه المعاني الكثيرة من غير أن ينطوي في شيء منها هذا المشار إليه. فينزع الذهن هذه بعضها عن بعض ويفرد كل واحد منها على حياله، فيفرد معنى " البياض " على حدة ومعنى " الطول " على حدة ومعنى " العرض " على حدة، وكذلك الباقية مثل " القيام " و" القعود " وغير ذلك. وهذا شيء يخص العقل وينفرد به دون الحس. وهي أسبق إلى المعرفة من أن تكون منتزعة، ولكل واحد منها تقدم على الآخر بوجه ما. غير أن الألفاظ إن كانت إنما تدل عليها من حيث هي أحرى أن تكون معقولة ومن حيث لها تقدم في العقل فألفاظها الدالة عليها من حيث هي مفردة عن المشار إليه أقدم، ومع ذلك فإنها تدل عليها وهي منحازة بطبائعها وحدها ومن حيث هي أبسط وغير مركبة مع غيرها. وتكون ألفاظها الدالة عليها من حيث هي مع زيادة شيء ومن حيث هي أحرى أن تكون محسوسة، هي المتأخرة المأخوذة من الأول. فإن كانت ألفاظها سبقت عليها قبل أن تنتزع، فسميت بأشكال تدل عليها من حيث هي أصناف المشار إليه، فتلك الأسبق، وهذه متأخرة مأخوذة من تلك.
صفحه ۶