حروف لاتینی
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
ژانرها
لكن حال اللغة العربية حال غريبة، بل أغرب من الغريبة؛ لأنها مع سريان التطور
عددها إلا الله، لم يدر بخلد أية سلطة في أي بلد من تلك البلاد المنفصلة سياسيا أن يجعل من لهجة أهله لغة قائمة بذاتها، لها نحوها وصرفها، وتكون هي المستعملة في الكلام الملفوظ، وفي الكتابة معا؛ تيسيرا على الناس، كما فعل الفرنسيون والإيطاليون والإسبان ، أو كما فعل اليونان. لم يعالج أي بلد هذا التيسير، وبقي أهل اللغة العربية من أتعس خلق الله في الحياة.
إن أهل اللغة العربية مستكرهون على أن تكون العربية الفصحى هي لغة الكتابة عند الجميع، وأن يجعلوا على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا، وأن يردعوا عقولهم عن التأثر بقانون التطور الحتمي الآخذ مجراه بالضرورة - رغم أنوفهم - في لهجات الجماهير، تلك اللهجات التي تتفرع فروعا لا حد لها ولا حصر، والتي تتسع كل يوم مسافة الخلف بينها وبين الفصيحة جدة جداتها اتساعا بعيدا.
هذا الاستكراه الذي يوجب على الناس تعلم العربية الفصحى كيما تصح قراءتهم وكتابتهم، هو في ذاته محنة حائقة بأهل العربية، إنه طغيان وبغي؛ لأنه تكليف للناس بما فوق طاقتهم.
ولقد كنا نصبر على هذه المحنة لو أن تلك العربية الفصحى كانت سهلة المنال كبعض اللغات الأجنبية الحية، لكن تناولها من أشق ما يكون، وكلنا مؤمن بهذا، ولكن الذكرى تنفع المؤمنين، فلنذكر ببعض هذه المشقة:
بعض صعوبات العربية (أ)
إن
الثلاثي له ستة أوزان، وليس في أي فعل منها علامة مميزة تدل على الوزن التابع هو له، وليس لهذا التمييز من دلالات سوى قواعد معقدة لا تسمن في غالب الأحيان ولا تغني؛ ففعل «ظفر» مثلا لا يعرف القارئ إن كان ماضيه مكسور العين أو مفتوحها أو مضمومها، ولا إن كان مضارعه مفتوح العين أو مكسورها أو مضمومها، بل عليه أن ينجم ويخمن، أو يرجع لمعاجم اللغة. ومثل «ظفر» عدد كثير من الأفعال الثلاثية. (ب)
إن الفعل الثلاثي الواحد قد يتبع أوزانا مختلفة، فيكون في الماضي مفتوح العين أو مكسورها مثل بقى بقي، ويكون مضمومها أو مكسورها مثل بعد وبعد، بهت وبهت، بل يكون صحيحا بالحركات الثلاث مثل بغض وبغض وبغض؛ أي صار بغيضا، ومثل أنس وأنس وأنس، ضد توحش. وقد يكون الفعل مفتوح العين في الماضي مكسورها أو مضمومها في المضارع، مثل بطش يبطش أو يبطش بكسر الطاء أو ضمها ، وقد يكون مكسور عين المضارع أو مفتوحها مثل بات يبات ويبيت. وفي هذا التغاير في الماضي أو المضارع في الفعل الواحد بعينه منتهى الحرج. وهو حرج يدعو ابن اللغة - وبالأولى دعيها - أن يفر منها راضيا من الغنيمة بالإياب. (ج)
أثقل من هذا أن الفعل الواحد له جملة مصادر، مما لا شبيه له في أية لغة من لغات الخلق، وهذا وقر آخر يقصم ظهر متعلم العربية، فمثلا «بات» و«بغى» لأولهما ثلاثة مصادر: بيتا وبياتا وبيتوتة، ولثانيهما خمسة: بغاء، بغيا، بغى، بغية، بغية، وذلك عدا المصدرين الميميين للأول «مباتا» أو «مبيتا»، والمصدر الميمي «مبغى» للثاني. بل يجوز أن يكون للفعل الواحد تسعة مصادر؛ مثل فعل لبث، فإن مصادره: لبثا، لبثا، لبثا، لباثا، لباثا، لباثة، لباثة، لبثانا، لبيثة، عدا المصدر الميمي «ملبث». (د)
صفحه نامشخص