حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
ژانرها
أما الشيخ ثقيل الجسم كبير السن «عتبة بن ربيعة» فقد صمد لعبيدة، وأصاب كل منهما الآخر بضربة أثبتته، فما كان من «حمزة» و«علي» إلا أن كسرا قواعد المبارزة وشروطها، ونزلا على الشيخ العجوز بالأسياف فأجهزا عليه، ثم احتملا زميلهما «عبيدة» بسرعة، إلى صفوف أصحابهم.
وهكذا قتل المسلمون صناديد قريش. أما كسر قواعد المبارزة فقد حكى عنه بعد ذلك «علي بن أبي طالب» كرم الله وجهه، لرفع صفة المعابة عنه، حيث تغيرت القواعد بتغير المعيار، وبقيت قاعدة واحدة هي معيار كل المعايير، وهي الفيصل والفصل، معلقة برأي النبي الخاتم
صلى الله عليه وسلم ، فقال «علي»: «أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحارث على أبي الوليد، فلم يعب النبي علينا ذلك.»
20
وقبل أن تفيق قريش من ذهولها أمام قتل صناديدها، ومن حميتها إزاء كسر قواعد المبارزة، ومقتل شيخها عتبة بسيوف ثلاثة تكاثرت عليه، أخذ النبي حفنة من الحصباء استقبل بها قريشا، ونفحها بها قائلا: شاهت الوجوه، ثم هتف بأصحابه: شدوا.
21
بينما ثنى نحو صفوف النبالة التي ثبتت وراء نواتئ التلول، لتحمي المسلمين السيافة المنقضين على قريش، يقول: «إن دنا القوم منكم فانضحوهم بالنبل واستبقوا نبلكم ... ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم.»
22
وهكذا بدأت وقعة بدر الكبرى، وهكذا كان التخطيط الجيد والإعداد الدقيق، الذي تفاعلت فيه خطة القائد وعزمه، مع خبرة أركان حربه من رجال الدم والحرب والحلقة، صفوف صفوف، منها من يشد على الأعادي ومنها من يحمي بسهامه المتقدمين، فلم يترك شيئا للصدفة، ولا أمرا للهوى، وهو ما كانت نتيجته المحتمة، ما سجلته كتب السير والأخبار:
فكانت الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديد قريش، وأسر منهم من أسر.
صفحه نامشخص