قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون * قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين ، لكن قاعدة الشورى بين فرعون وملئه لم تطرد على أساس صحيح بدليل ما سام به بني إسرائيل من العذاب المبين.
وقطع مجلس الشورى عند فرعون رأيه، وأبرم في النازلة حكمه؛ لأنه فوض إليهم ذلك بقوله:
فماذا تأمرون ، وليس له من الأمر شيء سوى تنفيذ أعمالهم، والعمل بما يشيرون بخلاف مجلس الشورى عند ملكة سبأ، فلم يزيدوا على أن عرضوا عليها رأيهم بطريق التلويح حين قالوا:
نحن أولو قوة وأولو بأس شديد
يشيرون إلى اختيار الحرب، ثم وكلوا الأمر إليها بقولهم:
والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ؛ لأنها لم تفوض إليهم الحكم في القضية، وإنما طلبت منهم أن يصرحوا بآرائهم ويبوحوا بأفكارهم فقط؛ بدليل قولها:
ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ، أي إلا بمحضركم، وقولها:
أفتوني في أمري
أي اذكروا ما تستصوبون فيه، ولأنها زيفت رأيهم وأشعرتهم بأنها ترى الصلح مخافة أن يتخطى سليمان عليه السلام حدودهم، فيسرع إلى إفساد ما يصادمه من أموالهم وعماراتهم، فقالت:
إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها .
صفحه نامشخص