هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي
هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي
ژانرها
وإذن فالرحمن هنا في هذه الآية تعني شيئا غير الرحمة، وغير الرقة والحنان، وتعني القوة والقهر والسلطان، والقدرة والسيطرة على الشيطان، والحكمة والخبرة بما يستحقه الإنسان، وما يليق به حين يعصى الرحمن، ويوالى الشيطان. لعل الأمور الآن بدأت تتضح وينجلي الغشاء عن معنى - الرحمن- تعالوا معي إلى سورة الفرقان، لنجد الرحمن يخاطب رسوله محمدا بما يضفي عليه الاطمئنان، فيقول بأفصح بيان: (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا * الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا)[58-95: الفرقان] إذن فالرحمن هو الحي الذي لا يموت، وهو الخبير بالعباد ولا يخفى عليه شيء ولا يفوت، وهو الخالق المبدع لكل شيء، والعليم بكل شيء وحي. فهو الذي يسأل عن مصير الجميع، وعن مآل المعرض والسميع فلا يليق إلا له الحمد والتسبيح ولا يصح إلا له السجود الصحيح، ولكن ماذا؟ ها هم المعرضون يستنكرون الإسم العظيم وينفرون من الرحمن العليم (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) [الفرقان:60].إن استنكار الإسم وسؤالهم عن ماهيته، وهم عرب فصحاء يعني أنه اسم لم يألفوه، واشتقاق لم يعرفوه،
وإلا لما سألوا (قالوا وما الرحمن ) أليس في هذا دليل على أن الإسم ليس مشتقا من الرحمة؟
ثم تعالوا نواصل القراءة لما يلي من الآيات لتتضح لنا عن الرحمن بعض الميزات الدالة على أن الرحمن اسم لله لا صفة من الصفات. لنقرأ: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا * وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) [الفرقان: 61-62].إن هذا الآيات تعني أنه الخالق المدبر والمبدع المسير والمسخر للنجوم والكواكب والأقمار والمغشي لليل والنهار. وهو مع ذلك الحاكم الآمر والعليم بالخافي والظاهر، وهو المعبود من كل جامد وسائر، والمطلع على السرائر، ولهذا قال عمن يفهم هذه المعاني ويفقه هذا السمو الروحاني: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما* والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما)[الفرقان: 63-66]. إلى آخر الآيات.
ومن خلال ما قرأنا يتضح لنا معنى رحمن الدنيا. فماذا يعني رحمن الأخرى؟ إن الآية الأخيرة من الآيات الواردة هنا، توحي إلى بعض المعنى، عن رحمن الأخرى. فهو الذي يدعى لصرف عذاب جهنم، وهو بالعباد أدرى وأعلم. فهو القوي المهيمن في يوم الدين وهو الذي يحكم ويقرر جزاء الصادقين والكاذبين. تعالوا نتبين هذه الصفات للرحمن في الأخرى من خلال الآيات التالية: (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)[طه: 108](رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا * يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) [النبأ: 37-38].(إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) [مريم: 93-96] (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا * لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) [مريم: 85-87].(يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب * وأنذرهم يوم الإزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) [غافر: 16-19]. إن هذه الآيات تدل على أنه المسيطر العليم بكل سر، وهو المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الحاكم بالعدل والحق، وحكمه لا يتبدل، ولا يظلم ربك أحدا. وهو الحسيب السريع الحساب، الخبير بمن يستحق الجنة ومن يستحق العذاب، لا يعترض على حكمه ولا يرد، ولا يظلم ربك أحد، فهو الرحمن وكل شيء له خضع وعبد، وركع وسجد، وسبح بحمده وهجد ,, فسبحان الرب الرحمن،
فهل اتضح لكم بعض معاني الرحمن؟ إن لم يتضح المعنى بعد هذا البيان؛ فاقرأوا سورة [الرحمن] فإن فيها البيان عن أهم معاني ودلالات هذا الإسم العظيم الذي لم يدرك معناه المفسرون. خفي عليهم سر الإسم ففات عليهم الفهم، ولقد وفقنا الله وهدى، فاتضح لنا المعنى وبدا، فالحمد لله الرحمن في الأولى والأخرى، في الأرض والسماء، ومن كل شيء خلقه فسوى.مفردة الرحمن ¶ بسم الرحمن نبدأ المشوار في فهم بعض مفردات القرآن، وعلى نور الله الهادي نبدأ المشوار إلى المراد، لنبدأ باسم من أسماء الله تعالى التي حار حولها المفسرون ولم يدركوا معناها الحقيقي العظيم، فما هي هذه الكلمة يا ترى؟ إنها الرحمن !!! ¶ هل تظنون أنها مشتقة من الرحمة؟ هذا ما توهمه المفسرون، قال الزمخشري في معناها [الرحمن: فعلان من رحم كغضبان من غضب]، ثم قال: [وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم]، ولذلك قالوا: [رحمن الدنيا والآخرة]. هذا ما قاله الزمخشري شيخ المفسرين اللغويين ومثله قال الكثير من قبله ومن بعده. ¶ ونحن نؤيد ما استشهد به من قولهم: [رحمن الدنيا والآخرة]. لكن لا على الأساس المشتق من رحم، بل على معنى آخر هو مختلف عن ذلك كثيرا ومدلوله أهم، فهو [رحمن الدنيا والآخرة]، يعني: المدبر والمسيطر والمهيمن في الدنيا والأخرى، فهو يدبر الأمر فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يعزب عنه شيء فيهما، وهو يحكم في الحشر فلا يظلم ولا ينسى ولا يخطئ في الحكم ولا يغوى وكيف لا وهو يعلم السر وأخفى. هذا ما نفهمه من قولهم: [رحمن الدنيا والآخرة]. ¶ قد تسألون، وكيف فهمت ذلك؟ ومن أين لك هذا التفسير؟ لا تعجلوا، وتعالوا معي نمعن النظر والتفكير في السؤال : ¶ لنبدأ من آخر سورة الإسراء: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) إذن فالرحمن اسم لله وليس صفة من الصفات مثل الرحيم. والإسم يدل على عدة صفات وميزات وسمات سواء في ذلك [الله أو الرحمن]، كلاهما تندرج تحته كل أسماء الله الحسنى، إلا أن الأول يختص بصفات الألوهية والثاني بصفات الربوبية، ولهذا اجتمعا في البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم). ثم لنتأمل هذه البسملة وهي آية تكررت في القرآن مائة وأربع عشرة مرة. لنتأملها على ضوء غيرها من الآيات، فهل تجدون آية من آيات القرآن تختم بإسمين أو صفتين من صفات الله مترادفتين في المعنى؟ كلا. ولنأخذ مثلا ما يلي:- العلي العظيم- العزيز الحكيم- الغفور الرحيم- العفو الغفور- السميع البصير- اللطيف الخبير- الغني الحميد- الغفور الحليم- العليم الحكيم. . الخ. أرأيتم اسمين أو صفتين في هذه مترادفتين في الدلالة؟ لعلكم تقولون لا لم نجد فكل اسم أو صفة يغاير الآخر. وإذا كان الأمر كذلك بالدليل القاطع والمثال الساطع في كل سور القرآن والآيات والمقاطع، فإن اجتماع صفتين مترادفتين في البسملة ممنوع لمن له دراية، فهي أهم آية، وبها تحسن البداية، وتتكرر بعد كل نهاية. ¶ إنني أقول وأنتم قد تقولون معي: إن اجتماع صفتين في هذه الآية الهامة الصغيرة التي تعتمد على الإيجاز يتعارض مع أبسط أساليب البلاغة والإعجاز. وهذا لا يليق بجلال الله القادر على كل شيء والذي أنزل القرآن تبيانا لكل شيء. وإذن فلا بد أن يكون للرحمن معنى آخر غير معنى كلمة [الرحيم] فليسا في الدلالة متحدتين بل متغايرتين. قد تقولون: وإذن فماذا تعني [الرحمن]؟إن لها معنى أشمل وأوسع وأعظم وأقوى وأهم. ¶ لا تعجلوا وتعالوا نقرأ من سورة مريم: (قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) فهل يصح لغويا ومعنويا وبلاغيا أن يستعيذ المستعيذ بما له معنى الرحمة واللطف والحنان، أم بما له معنى القوة والقدرة والسلطان؟ لا شك أنكم تؤيدون المعنى الثاني. إذن فالرحمن هنا لا تختص بالرحمة ولكن بالقوة والقدرة. ثم تعالوا نواصل القراءة في نفس السورة بشكل سليم يبحث عن المعنى المستقيم، فنصل إلى قول إبراهيم: (ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا) فهل يمكن أن يعذب الرحيم؟! وهل معنى الرحمة يتفق مع العذاب الأليم؟ كلا كلا. بل إن العذاب لا يكون إلا من القوي الشديد ذي العرش المجيد، الفعال لما يريد. ¶ وإذن فالرحمن هنا في هذه الآية تعني شيئا غير الرحمة، وغير الرقة والحنان، وتعني القوة والقهر والسلطان، والقدرة والسيطرة على الشيطان، والحكمة والخبرة بما يستحقه الإنسان، وما يليق به حين يعصى الرحمن، ويوالى الشيطان. لعل الأمور الآن بدأت تتضح وينجلي الغشاء عن معنى - الرحمن- تعالوا معي إلى سورة الفرقان، لنجد الرحمن يخاطب رسوله محمدا بما يضفي عليه الاطمئنان، فيقول بأفصح بيان: (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا * الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا)[58-95: الفرقان] إذن فالرحمن هو الحي الذي لا يموت، وهو الخبير بالعباد ولا يخفى عليه شيء ولا يفوت، وهو الخالق المبدع لكل شيء، والعليم بكل شيء وحي. فهو الذي يسأل عن مصير الجميع، وعن مآل المعرض والسميع فلا يليق إلا له الحمد والتسبيح ولا يصح إلا له السجود الصحيح، ولكن ماذا؟ ها هم المعرضون يستنكرون الإسم العظيم وينفرون من الرحمن العليم (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) [الفرقان:60].إن استنكار الإسم وسؤالهم عن ماهيته، وهم عرب فصحاء يعني أنه اسم لم يألفوه، واشتقاق لم يعرفوه، ¶ وإلا لما سألوا (قالوا وما الرحمن ) أليس في هذا دليل على أن الإسم ليس مشتقا من الرحمة؟ ¶ ثم تعالوا نواصل القراءة لما يلي من الآيات لتتضح لنا عن الرحمن بعض الميزات الدالة على أن الرحمن اسم لله لا صفة من الصفات. لنقرأ: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا * وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) [الفرقان: 61-62].إن هذا الآيات تعني أنه الخالق المدبر والمبدع المسير والمسخر للنجوم والكواكب والأقمار والمغشي لليل والنهار. وهو مع ذلك الحاكم الآمر والعليم بالخافي والظاهر، وهو المعبود من كل جامد وسائر، والمطلع على السرائر، ولهذا قال عمن يفهم هذه المعاني ويفقه هذا السمو الروحاني: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما* والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما)[الفرقان: 63-66]. إلى آخر الآيات. ¶ ومن خلال ما قرأنا يتضح لنا معنى رحمن الدنيا. فماذا يعني رحمن الأخرى؟ إن الآية الأخيرة من الآيات الواردة هنا، توحي إلى بعض المعنى، عن رحمن الأخرى. فهو الذي يدعى لصرف عذاب جهنم، وهو بالعباد أدرى وأعلم. فهو القوي المهيمن في يوم الدين وهو الذي يحكم ويقرر جزاء الصادقين والكاذبين. تعالوا نتبين هذه الصفات للرحمن في الأخرى من خلال الآيات التالية: (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)[طه: 108](رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا * يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) [النبأ: 37-38].(إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) [مريم: 93-96] (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا * لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) [مريم: 85-87].(يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب * وأنذرهم يوم الإزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) [غافر: 16-19]. إن هذه الآيات تدل على أنه المسيطر العليم بكل سر، وهو المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الحاكم بالعدل والحق، وحكمه لا يتبدل، ولا يظلم ربك أحدا. وهو الحسيب السريع الحساب، الخبير بمن يستحق الجنة ومن يستحق العذاب، لا يعترض على حكمه ولا يرد، ولا يظلم ربك أحد، فهو الرحمن وكل شيء له خضع وعبد، وركع وسجد، وسبح بحمده وهجد ,, فسبحان الرب الرحمن، ¶ فهل اتضح لكم بعض معاني الرحمن؟ إن لم يتضح المعنى بعد هذا البيان؛ فاقرأوا سورة [الرحمن] فإن فيها البيان عن أهم معاني ودلالات هذا الإسم العظيم الذي لم يدرك معناه المفسرون. خفي عليهم سر الإسم ففات عليهم الفهم، ولقد وفقنا الله وهدى، فاتضح لنا المعنى وبدا، فالحمد لله الرحمن في الأولى والأخرى، في الأرض والسماء، ومن كل شيء خلقه فسوى.
مفردة القرآن
هذه المفردة تتكرر في النص القرآني بشكل ملحوظ، ولو تأملنا وضعها في سياق الآيات التي وردت فيها لوجدنا لها معنى جميلا ربما فات على كثير من المفسرين للقرآن الكريم.
فالكلمة مصدر من قرن يقال قرن الشيء بالشيء أي ضمه إليه وعلى هذا فالقرآن يعني قرن آية بآية وسورة بسورة وضم بعضها إلى بعض بحيث تكون نصا مقروءا مفهوما لقوم يعقلون.
أما الفرقان فيعني فرق سورة عن سورة في الإنزال فهو لم ينزل جملة واحدة ولكنه نزل مفرقا ومنجما كما هو معروف.
وإن شئتم فاقرأوا الآية [32من سورة الفرقان](وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) هكذا هم يقترحون أن لا يكون القرآن مفرقا ولكن جملة واحدة لكن الله يرد عليهم بقوله: (كذلك) أي نزلناه مفرقا كذلك لماذا (لنثبت به فؤادك) (ورتلناه ترتيلا) أي أنزلناه على تمكث وتمهل وفرقناه على فترات ليكون أكثر أثرا وتثبيتا في قلبك وأحسن وقعا في قلوب الناس فلا تنزل السورة منه إلا على أرض من القبول المتعطشة للبيان فيكون أثره فيها كالماء للعطشان ولهذا قال الله:
صفحه نامشخص