هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي
هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي
ژانرها
كلا كلا، إن ذلك ممكن لو كنت لله عبدا، وجعلت هداه هو الهدى، فلقد تحقق المستحيل لإبراهيم وزكريا فأصبحت العاقر ولودا سويا، ولقد استجابت البحار العميقة وانجابت الظلمات الكثيفة ليونس ذي النون فكان من الناجحين لأنه من عباد الله المسلمين.
ولقد ذللت الريح العاصفة واستسلمت الجان لعبد من عباد الله المخلصين المسمى سليمان.
فهل يطمح إلى مثل هذا التمكين إنسان لكنه تمكن منه لأنه استسلم لربه الرحمن واتبع هداه بيقين واطمئنان فكانت القوى الصعبة الجامحة في يده طائعة سانحة، بل لقد انزوت له المسافات واختزلت له الأوقات فإذا به يحضر عرش ملكة سبأ في سرعة تفوق سرعة الضياء، فهل وصل إلى هذا الإنجاز العلمي الرائع أحد بعد سليمان النبي؟
قد تقولون إنه نبي من الله، وأنا أقول: كلا، ولكنه نال ذلك لأنه عبد الله ولقد وصفه الله بقوله: (نعم العبد إنه أواب) ونحن نستطيع أن نكون مثله، لا أريد أن أعدد الأمثلة، فهي في القرآن واضحة ماثلة.
ألسنا نقرأ سورة [القدر] إنها مثل من الأمثلة الماثلة، وهي لكل قارئ متناولة، وفي الألسن متداولة.
أسألكم هل الله في هذه السورة يتحدث عن القرآن أم عن الليلة؟ إنه يتحدث عن القرآن فهو يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أليس الضمير في أنزلناه إلى القرآن؟ بلى، ثم ماذا؟ ثم يتساءل عن دراية الإنسان بقدر هذه الليلة فيقول: (وما أدراك ما ليلة القدر) وهو تساؤل يفيد التعظيم والتشويق إلى الخبر الذي يحمله إلينا عنها، ثم يأتي الخبر لكل من تدبر، فاستمعوا: (ليلة القدر خير من ألف شهر) لعل هذا يكفي ولكن هناك المزيد من الصفات التي ترفع قدرها وتعلي، فما هي:
(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر)
هل عرفتم الآن قدر هذه الليلة؟ وهل أدركتم سرها؟ وهل علمتم أمرها؟ إن الآيات واضحة لمن تدبرها.
ولكن هل يعني هذا أن نقف عند الليلة وننسى المحتوى الذي حوت والفحوى الذي إليه أشارت فما هما؟ إنها حوت إنزال القرآن، وهي بتلك الصفات والسمات ، هذا هو الذي حوت، فما هي الفحوى؟
هنا يكمن السر الذي لم يدركه الناس ولم يعوا، وهنا يقع المعنى العميق الذي غفل عنه المسلمون وفي عمقه وقعوا ولم يرتفعوا.
صفحه نامشخص