praxis ] فيها حول شيء واحد بالمعنى الذي نقصده. وكذلك فعل في «الإلياذة». وكما في سائر فنون المحاكاة تنشأ وحدة المحاكاة من وحدة الموضوع؛ كذلك في الخرافة [الحبكة]؛ لأنها محاكاة فعل [
mimesis praxeos ]، فيجب أن تحاكي فعلا واحدا وتاما، وأن تؤلف الحوادث المكونة بحيث إذا نقل أو بتر جزء انفرط عقد الكل وتزعزع؛ لأن ما يمكن أن يضاف أو ألا يضاف دون نتيجة ملموسة لا يكون جزءا من الكل (أرسطوطاليس، «فن الشعر») [ترجمة عبد الرحمن بدوي (بتصرف)، القسم 1451أ، ص25-26].
إن كلمات أرسطو هي بعض أكثر الآراء خضوعا للدراسة والبحث في النقد الأدبي. يبدو أنه يعني أن، أولا، الأدب ليس الحياة وإنما «محاكاة»
mimesis . محاكاة لماذا؟ «لفعل»
praxis
واحد ولمجمله (الذي يشتمل على ثلاثة أجزاء). والفعل المتعلق بملحمة «الأوديسة» هو عودة أوديسيوس إلى الوطن والبيت. وليس الفعل المتعلق بملحمة «الإلياذة» هو «حرب طروادة»، التي لا يمكن أن تكون مبحثا واحدا، وإنما غضبة آخيل. ففي الملحمتين نكتشف كل شيء عن هذين الفعلين، من البداية إلى النهاية، في ثلاثة أجزاء ليست قابلة للتبادل فيما بينها.
وتظل تلك هي عناصر الحبكة في الأدب الروائي المعاصر، الذي يعد الفيلم الروائي الطويل، بفارق شاسع، أهم قوالبه. والحبكات في الأفلام الروائية الطويلة تتبع صيغة صارمة؛ إذ تقسم إلى ثلاثة أجزاء تفصلها «نقطة تحول في الحبكة»، أي حدث يغير وجهة القصة. في فيلم مدته 120 دقيقة، تظهر نقاط تحول الحبكة الأساسية في الدقيقتين الثلاثين والتسعين وثمة نقطة تحول ثانوية في الدقيقة الستين، التي تمثل منتصف الفيلم.
إن كلا من «الإلياذة» و«الأوديسة» تفوق الفيلم الروائي الطويل طولا بثماني أو تسع مرات، ولكنهما تندرجان ضمن البنية الثلاثية نفسها. في الجزء الأول من «الإلياذة»، يتنازع آخيل مع قائده، الذي يأخذ منه محظيته. وتلك هي نقطة التحول الأولى في الحبكة، التي تنعطف بالأحداث منتقلة إلى القسم الأوسط بالغ الطول، الذي تمثله الكتب من الثاني وحتى السادس عشر، حيث تتحول دفة القتال ضد اليونانيين. وينقسم القسم الأوسط إلى نصفين عند نقطة المنتصف بحدث إرسال البعثة غير المثمرة إلى آخيل في الكتاب التاسع، الذي يمثل نقطة تحول ثانوية للحبكة. ويعد موت باتروكلوس في الكتاب السادس عشر هو ثاني نقاط التحول الرئيسية في الحبكة، الذي ينعطف بالقصة إلى شطرها الثالث الذي ينتقم فيه لباتروكلوس، ويذهب عن آخيل غضبه أخيرا.
تملك «الأوديسة»، شأنها شأن «الإلياذة»، بنية ثلاثية. فالبداية مخصصة لتليماك؛ حيث فوضى وبلبلة في البيت وابن يحاول العثور على أبيه. في نقطة التحول الأولى في الحبكة يهرب أوديسيوس من جزيرة الحورية كاليبسو وتتحول وجهة القصة ونحن نستكشف جهود أوديسيوس للعودة إلى بيته ووطنه، ليكون الإفصاح عن هويته على جزيرة فياشيا هو نقطة التحول الوسطى في الحبكة، التي بعدها يصف أوديسيوس رحلاته، ذاك الذي يعد بمثابة رجل ولد من جديد على وشك دخول بيته ووطنه اللذين غادرهما منذ زمن بعيد. القسم الثالث والأخير تدور أحداثه على جزيرة إيثاكا. يلقى الابن أباه، تلك هي نقطة التحول الثانية في الحبكة، ومعا يسويان الصراع بين أولئك الذين يسلكون مسلكا يتعارض مع العدالة، ويأخذون ما ليس لهم، وأولئك الذين يدافعون عن بيوتهم وزوجاتهم في مواجهة الاعتداء على حرماتهن. (5) هوميروس والنوع الأدبي
كثير من الكلمات التي نستخدمها لوصف، أو مناقشة، الأدب القديم ليس لها نظير في اللغات القديمة، ويشمل ذلك أغلب مصطلحات النقد الأدبي المعاصرة (على سبيل المثال، «التناص»
صفحه نامشخص