(99) نعجة ، وانا لا امتلك الا نعجة واحدة ، وانه يصر علي ان اعطيه نعجتي ليضمها الى بقية نعاجه ، وقد شدد علي القول واغلظ.
وهنا وبسرعة التفت داود عليه السلام الى المدعي وقبل ان يستمع كلام الآخر واصدر الحكم وقال :
من البديهي انه ظلمك بطلبه ضم نعجتك الى نعاجه. وبعد اصدار الحكم خرج المتخاصمان وغادرا المكان بدون كلام واعتراض.
وبعد خروجهما غرق داود عليه السلام في التفكير ، رغم انه كان يعتقد انه قضى بالعدل بين المتخاصمين ، فلو كان الطرف الثاني مخالفا لادعاءات الطرف الاول ، لكان قد اعترض عليه ، اذن فسكوته هو خير دليل على ان القضية هي كما طرحها المدعي.
ولكن آداب مجلس القضاء تفرض على داود ان يتريث في اصدار الحكم ولا يتعجل ، وكان عليه ان يسأل من الطرف الثاني ايضا ثم يحكم بينهما ، فلذا ندم كثيرا على عمله هذا ، وظن انما فتنه الباري عز وجل بهذه الحادثة. ( وظن داود انما فتناه ).
وهنا ادركته طبيعته ، حيث انه اواب ، رجع الى ربه طالبا منه العفو والمغفرة وخر راكعا وساجدا تائبا الى الله العزيز الحكيم.
وبعد ذلك شمله الله سبحانه وتعالى بلطفه ورحمته وعفا عنه زلته من حيث ترك العمل بالاولى ، وان له منزلة رفيعة عند الله ، كما توضحه الآية المباركة :
( فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب ) (1).
كانت هذه الحادثة من جملة الحوادث التي امتحن الله عز وجل بها انبيائه
صفحه ۲۲۶