دلایل محکم در احکام نماز جمعه
الحجج المقنعة في أحكام صلاة الجمعة
ژانرها
لا يقال: إنه لا يلزم من إقامتها في موضعين ليس بينهما قدر جمعين ما ذكر من تدافع الأحكام على من هو قريب من الإقامتين؛ كيف يلزم ذلك وهو أنه إنما يجب عليه أن يجيب أول النداءين إذا تساوى معه المسافتان، ويجب عليه أن يحضر أقرب الجمعتين إذا تفاوتتا قربا وبعدا، فلا يلزم المحذور من تدافع الأحكام، ولا يحتاج حينئذ إلى التخيير المذكور، لأنا نقول: إن ما ذكرناه من تدافع الأحكام متوجه على من تساوى معه المسافتان بالنسبة إلى الجمعتين، واتحد معه وقت النداءين فيحتاج حينئذ إلى التخيير المذكور، ولا ملجأ منه، وهذا التقدير كاف في منع إقامتها في موضعين ليس بينهما قدر جمعين، والله أعلم.
ثم إن ما استشكله أرباب القول الثاني من منع تعددها في المصر الواحد مدفوع بما قدمت من الاعتلال للمانعين؛ وهو أنهم أوقفوا الجمعة حيث أوقفتها السنة. على أنهم قد تناقلوا إقامتها في صحار آخرا عن أول، وكابرا عن كابر، وتداولوا عدم إقامتها في غير صحار كذلك.
وأنت خبير أن عمان قد أسلمت في عصره - صلى الله عليه وسلم - ، وأجابت دعوته بغير حرب ولا عناء، وأن أحكامه - صلى الله عليه وسلم - قد نفذت فيها في حياته بواسطة عامله عليها عمرو بن العاص (¬1) ، وأن عمان منذ ذلك الزمان قرى كثيرة ورساتيق عديدة (¬2) ؛ فلو أقيمت الجمعة في عهده - صلى الله عليه وسلم - في غير صحار من سائر بلدان عمان ورساتيقها لنقل إلينا ذلك كما نقلت إقامتها بصحار. على أنك قد عرفت حذاقة أصحابنا في الأمور الشرعيات، فلا يبدلون شيئا منها، وعرفت احتياطهم في أمور دينهم، فكيف يتركون الواجب منها؟!
¬__________
(¬1) - ... انظر؛ ابن هشام : سيرة النيي - صلى الله عليه وسلم - ، 04/279. العصفري: تاريخ خليفة بن خياط، 01/73. ابن الأثير: الكامل، 02/157.
(¬2) - ... الحموي: معجم البلدان، (مادة عمان)، 04/150.
صفحه ۹۷