حجية القياس والرد علي المخالفين

يوسف بن عبد الرحمن d. Unknown
38

حجية القياس والرد علي المخالفين

حجية القياس والرد علي المخالفين

ژانرها

قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ قَالَتْ فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ قَالَ فَاذْهَبِي فَانْظُرِي فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا) وحديث العسيف المتفق عليه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ﵄ أَنَّهُمَا قَالَا إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرُجِمَتْ)، ومارواه مالك في الموطأ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ مَا مِنْ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِك أُرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ
﴿أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾) ودل علي الاجماع باية فقال (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) النساء ١١٥ ويدل عليه الحديث المتفق عليه (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ فَقَالَ يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ قَالَ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ أَوْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ) فالنبي صلي الله عليه وسلم نسب حكم سعد بن معاذ الي الله مع انه كان اجتهادا منه ﵁ ودل علي القياس بما ذكرنا من الادلة فنحن لما قلنا بالقياس ما خرجنا عن مقتضي الاية ان القران تبيان لكل شيئ ثم انه قيل في تأويل الاية الاولي ان المقصود بالكتاب ههنا انه اللوح المحفوظ قال ذلك الامام الطبري في تفسيره قال (وأما قوله:"ما فرطنا في الكتاب من شيء"، فإن معناه: ما ضيعنا إثبات شيء منه) وهو مروي عن ابن عباس وابن زيد
سابعا: وأما استدلالهم بالاية التي تنهي عن التقديم بين يدي الله ورسوله علي تحريم القياس فنقول ان العمل بالقياس عمل بالكتاب والسنة لاننا نقيس علي ما ثبت بالكتاب والسنة ثانيا ان الشرع دل علي مشروعية القياس وعمل به الصحابة ومن بعدهم قبل ان ان ياتي من نازع في القياس فانتم من شق عصا الامة وخالف الاجماع قال ابن كثير في تفسير الاية (أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ، لما قال له النبي ﷺ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله، لما يرضي رسول الله". وقد رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (٥) . فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله.) ثامنا: وأما قولكم ان القياس يؤدي إلي الاختلاف وان الله نهانا عن الاختلاف لانه يؤدي الي النزاع والضعف فقال (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) فنقول ان النهي متوجه الي الامة في السياسة والحروب والامور العسكرية وسياق الايات يقرر ذلك قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧» الانفال ٤٥-٤٧
فالايات تتحدث عن لقاء العدو ووجوب الصبر في ملاقاته وعدم التفرق والتنازع ففي هذا الموقف العصيب يجب ان تتحد الكلمة والا هلك المسلمون قال الفخر الرازي (اعلم أنه تعالى لما ذكر أنواع نعمه على الرسول وعلى المؤمنين يوم بدر علمهم إذا التقوا بالفئة وهي الجماعة من المحاربين نوعين من الأدب: الأول: الثبات وهو أن يوطنوا أنفسهم على اللقاء ولا يحدثوها بالتولي. والثاني: أن يذكروا الله كثيرًا) ثم انه ليس كل قياس ادي الي التنازع والخلاف ثم إن النهي ليس متوجه الي الخلاف في الرأي اذا كان مبني علي اجتهاد صحيح وقد اختلف الصحابة وفي حياة النبي صلي الله عليه وسلم فلم يعنف احدا وذلك لما قال لهم لا يصلين احدكم العصر الا في بني قريظة ولما اختلف عمر وعمار في التيمم وكالذين لم يجدا الماء فتيمما وصليا ثم وجدا الماء فاعاد احدهما ولم يعد الاخر فقال لهذا اصبت السنة وقال لمن اعاد نلت الاجر مرتين كل ذلك لما رأي النبي ان اصحابه اجتهدوا فيما فعلوا وغير ذلك من الحوادث ولو كان النهي متوجه الي الخلاف في الرأي المبني علي الاجتهاد لكانت الامة كلها اثمة لان المسلمين ما خلا عصر من عصورهم والا وقد اختلفوا في مسائل كثيرة
تاسعا: استدلالهم بقوله تعالي (بما أراك الله) قالوا لا بما رأيت فنقول ان الاستدلال بالاية يؤيد ما ذهبنا اليه من القول بالقياس لانه يدخل فيما اراه الله لان ما اراه الله المقصود به الوحي اي القران والسنة واجتهاده ايضا لكنه اذا اخطأ في اجتهاده فان الله لا يقره علي الخطأ فينزل الوحي بتصحيح الخطأ. قال النبي ﷺ إنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي على نحو ما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار فبين أنه قد يقضي للرجل بشيء من حق أخيه) وهذا اجتهاد منه ولو كان عن وحي منزل لما اخطأ وقد عاتبه الله سبحانه علي اذنه لبعض المخلفين فقال (عفا الله عنك لم اذنت لهم) وعاتبه في اسري بدر فقال (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) الأنفال ٦٧ فقال ﵊ ﴿لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه إلا عمر﴾ وذلك لان النبي صلي الله عليه وسلم وابا بكر رأيا إطلاق اسري بدر رأي عمر قتلهم وهذا أيضا اجتهاد من عمر في حياة النبي صلي الله عليه وسلم ونزل الوحي بتصويب اجتهاده وقد أمر الله رسوله بمشاورة المؤمنين فقال (وشاورهم في الامر) ولا تكون المشاورة الا عن اجتهاد فليس هناك مشورة بعد انزال الحكم من الله.
ثانيا: مناقشة ما استدلوا به من الاثار خامسا: استدلالهم بما ورد عن النبي في ذم القياس وان اعظم الفرق فتنة في امة محمد صلي الله عليه وسلم هم من يقيسون الامور برأيهم فهو متوجه الي القياس الباطل ويؤيد ذلك قوله في الحديث: فيحلون الحرام ويحرمون الحلال فهم استعملوا رأيهم في مقابلة النصوص والقياس المخالف للنص فاسد الاعتبار. قال في (مراقي السعود): والخلف للنص أو إجماع دعا ... فساد الاعتبار كل من وعى وهو كقياس ابليس نفسه علي عنصره الذي خلق منه وقياس ادم علي عنصره الذي خلق منه وتفضيله لنفسه علي ادم فهو قياس مخالف للنص الصريح وهو الامر بالسجود لادم وقول الكفار في قياسهم الربا علي البيع (انما البيع مثل الربا) في مواجهة النص قال الشيخ الشنقيطي ﵀ في َواء البيان وقد ساق امثلة علي القياس الباطل مستشهدا بالقران (كقوله (: ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ [مريم: ٧٧] يعني في الآخرة كما أوتيته في الدنيا وقوله: ﴿وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى﴾ [فصلت: ٥٠] أي: بدليل ما أعطاني في الدنيا
وقوله: ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ [الكهف: ٣٦] قياسًا منه للآخرة على الدنيا ورد الله عليهم هذه الدعوى في آيات كثيرة كقوله هنا: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ﴾ الآية. وقوله: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات بَل لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥-٥٦] وقوله: ﴿وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى﴾ [سبأ ٣٧] وقوله: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمًَا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [آل عمران: ١٧٨] وقوله ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف: ١٨٢-١٨٣] إلى غير ذلك من الآيات) انتهي من اضواء البيان للشنقيطي فهذه كلها قياسات باطلة لانها كانت في مواجهة النصوص فان الله امرهم بطاعته ومتابعة رسله ونهاهم عن الشرك به فعصوه وخالفوا امره واستعملوا تلك المقاييس الباطلة جواب ثان وهو ان الذم الذي صدر عنه صلي الله عليه وسلم متوجه لمن افتي بغير علم بدليل مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) الحديث الا تري ان الذم متوجه الي هؤلاء الجهال الذين يفتون بغير علم؟
أما استدلالهم بقوله صلي الله عليه وسلم (إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ) فنقول اولا: انه نهي عن التنطع في الدين والا فبما تجيبون عن اسئلة الصحابة لرسول الله صلي الله عليه وسلم وهي اكثر من ان تحصر فمنها علي سبيل المثال ما رواه مسلم عن (أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا فَقَالَ لَا) اخبرونا هل كان من سأله صلي الله عليه وسلم اثما أم لا؟ فان قلتم نعم فقد أخطاتم لان النبي لم يعنه علي سؤاله، وان قلتم لا لم يأثم بسؤاله فقد اصبتم ووجب حمل الحديث علي ما حملناه من النهي عن التنطع في الدين ويؤيده قوله صلي الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) ثالها ثلاثا رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود.ومن أسئلتهم ايضا ما رواه الترمذي وابو داؤود وغيرهماعن ابي ثعلبة الخشني ﵁ (قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَهْلُ صَيْدٍ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَأَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ قُلْتُ وَإِنْ قَتَلَ قَالَ وَإِنْ قَتَلَ قُلْتُ إِنَّا أَهْلُ رَمْيٍ قَالَ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ فَكُلْ قَالَ قُلْتُ إِنَّا أَهْلُ سَفَرٍ نَمُرُّ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَلَا نَجِدُ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا) وما رواه مالك في الموطأ والترمذي وابو داؤد والنسائي وغيرهم عن ابي هريرة ﵁ قال (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ) اخبرونا اكان هذا الرجل متنطعا اثما ام يسأل لحاجته الي معرفة الحكم
ثانيا: نقول لكم ان هذا الشئ الذي لم يحرم ثم حرم من اجل مسألة من سأل أكان حلالا بنص من الشارع ام لا؟ فأما الاول فباطل لانه لا يجوز تحريم ما احله الله، فلم يبق الا احتمال انه حرم باجتهاد وهذا هو المطلوب؛فالنبي صلي الله عليه وسلم قد نص علي ان ذلك الشيئ اصبح محرما علي الناس بما لم يات بنص بتحريمه فدل علي انه حرم باجتهاد والنبي قد اقر ذلك الاجتهاد، فدل علي اباحة الاجتهاد وان من اعظم ابواب الاجتهاد القياس فدل كذلك علي اباحة القياس، ثم اخبرنا كيف حرتم القياس بغير نص قاطع يدل علي تحريمه أليس هذا حكما وتشريعا ما انزل الله به من سلطان؟
سادسا: اما استدلالهم بما ورد عن بعض الصحابة والتابعين من ذم الرأي وأهله قال الشاطبي في الاعتصام بعد ان نقل اثارا كثيرة في ذم الرأي وعدم اتباع الاثار قال (والحاصل من جيمع ما تقدم أن الرأي المذموم ما بني على الجهل واتباع الهوى) وقال ابن قدامة ردا علي ذلك قال (قلنا هذا منهم ذم لمن استعمل الرأي والقياس في غير موضعه أو بدون شرطه فذم عمر ﵁ ينصرف إلى من قال بالرأي من غير معرفة للنص ألا تراه قال أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وإنما يحكم بالرأي في حادثة لا نص فيها فالذم على ترك الترتيب لا على أصل القول بالرأي ولو قدم إنسان القول بالسنة على ما هو أقوى منها كان مذموما وكذلك قول علي ﵁ وكل ذم يتوجه إلى أهل الرأي فلتركهم الحكم بالنص الذي هو أولى كما قال بعض العلماء أهل الكلام وأهل الرأي قد جهلوا.. علم الحديث الذي ينجو بها الرجل لو أنهم عرفوا الآثار ما انحرفوا ... عنها إلى غيرها لكنهم جهلوا) انتهي من روضة الناظرالمجلد الثالث ٨١٦ حتي ٨١٩ فهم ذموا الرأي الصادر عن جهل كقياس من ليس أهلا للاجتهاد أو المفرط في طلب الاحكام من مظانها أو من يرجع رأيه إلي محض الاستحسان؛ بدليل أن الذين نقل عنهم هذا هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والاجتهاد وقد أكثرنا النقل عنهم فيما مضي قال الحافظ ابن حجر (قَوْلُهُ: بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ) أَيِ الْفَتْوَى بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ النَّظَرُ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى مَا يُوَافِقُ النَّصَّ وَعَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَا يُوجَدُ النَّصُّ بِخِلَافِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " مِنْ " إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ لَا تُذَمُّ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُوجَدِ النَّصُّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَقَوْلُهُ " وَتَكَلُّفُ الْقِيَاسِ " أَيْ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ وَاحْتَاجَ إِلَى الْقِيَاسِ فَلَا يَتَكَلَّفْهُ بَلْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ وَلَا يَتَعَسَّفْ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، بَلْ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ وَاضِحَةً فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي تَكَلُّفِ الْقِيَاسِ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَمَا إِذَا وَجَدَ النَّصَّ فَخَالَفَهُ وَتَأَوَّلَ لِمُخَالَفَتِهِ شَيْئًا بَعِيدًا وَيَشْتَدُّ الذَّمُّ فِيهِ لِمَنْ يَنْتَصِرُ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ اطَّلَعَ عَلَى النَّصِّ.) انتهي من فتح الباري

صفحه نامشخص