ويفهم من ذلك أن انفعال الطبيعة البشرية واندهاشها عند التجلي كان أمرا معلوما مقررا عند اليهود.
وفي العهد الجديد أن المسيح بعد اعتماده من يوحنا ونزول الروح القدس عليه أصعده الروح وأخرجه إلى البرية وصار يقوده فيها مع الوحوش أربعين يوما " أنظر إلى مت 4: 1 ومر 1: 12 و 13 ولو 4: 1 " وراجع التراجم الفارسية وغيرها، وتغيرت هيئة وجهه عندما تجلى الله له بإرسال موسى وإيليا " لو 9: 29 " واضطرب بالروح إذ أخبر أن واحدا من تلاميذه سيسلمه " لو 13: 12 " ولعل من هذا النحو كونه ليلة هجوم اليهود عليه في جهاد كما ترجم بالفارسية والتركية بالاضطراب حتى صار عرقة كقطرات دم نازلة على الأرض " لو 24: 44 " مع أن الوقت كان باردا يحتاج فيه إلى الاستدفاء والاصطلاء بالنار " أنظر إلى مر 14: 67 ويو 18: 18 "، وإن بطرس قد وقعت عليه غيبة وفسرت " ببيهوشي " وذلك حينما أوحي إليه حل جميع الحيوانات عند نزول الزنبيل " ا ع 10: 10 ".
وكذا بولس حينما أوحي إليه بالخروج من أورشليم " ا ع 22: 17 " بل وكذا عندما عرج به إلى السماء " 2 كو 12: 1 - 4 ".
وإن يوحنا ابن زبدي سقط في رؤياه كميت " روء 1: 17 " وكم وكم تصرف به الروح وذهب به لا باختياره " أنظر إلى روء 1: 10 و 4: 2 و 17: 3 و 21: 10 ".
هذا كله مع أن كتب العهدين لم تستقص ذكر هذه الحالات للأنبياء عند الوحي بدليل أن التوراة أهملت في شأن موسى ما ذكره استفانوس وبولس وأن الأناجيل قد أهمل كل واحد منها كثيرا مما ذكره الآخر فضلا عن اختلافها الكاشف عن عدم اطلاع كتبتها على حقيقة الحال.
وأن العهد القديم لم يذكر حالات أشعيا وارميا وهوشع وغيرهم من الأنبياء إلى ملاخي، وما يعرض لهم عند الوحي والتجلي ولا تظن أنهم في ذلك أعلا شأنا وأحسن حالا من إبراهيم ويعقوب وموسى وحزقيال ودانيال وزكريا
صفحه ۴۹