فجرت على شفتيها ابتسامة خفيفة إعرابا عن شكرها، فعاد يقول: دعوتك من قبل، ولكنك لم تلبي! - كنت في غاية الحزن.
فمال نحوها قليلا، وقال بحنان: على أي حال احمدي ربنا، حسن حمودة محام قادر، وقد أنقذ عنقه من المشنقة!
فقالت بأسى: ولكنه سيقضي في السجن عشر سنوات، وخسر مستقبله إلى الأبد! - قضاء أخف من قضاء.
فقالت بعصبية: وأنا المذنبة الحقيقية! - ماذا كان بوسعك أن تفعلي؟ ما فعلت إلا أن شكوت همك لشقيقك! - لن يهون قولك من شعوري بالإثم!
ورفع الرجل كأسا بيده إلى فيه، ثم نظر إلى كأس موضوعة على ذراع الفوتيل على كثب من يدها، كأنما يدعوها إلى الشراب، وتراجع خطوات ، حتى استند إلى حافة البار، ثم قال: فكري في الهموم من حولنا تهن عليك همومنا. - لا أظن.
فابتسم متسائلا: مصممة على الحزن؟ - لست حزينة، إني أعيش حياتي، ولكن بلا طعم!
فهز رأسه الضخم وقال: قد يعرض لي عارض حزن، أتدرين كيف أعالجه؟ أتذكر آلاف القتلى، وما يخبئه الغد من احتمالات، وسرعان ما يهون علي حزني.
فرفعت منكبيها في وجوم، ولم تنبس، فقال: وهزتني ثورة الطلبة من الأعماق، ثم تذكرت أننا قد ندفن تحت الأنقاض في أي لحظة.
فهتفت بحدة مباغتة: هناك ما هو أدهى وأمر، وهو أننا نعيش في الحقيقة على التسول!
فضحك حسني عاليا وقال: يا له من تعبير صادق ومثير! - لم ضحكت عاليا؟ - صدقيني أنني لم أضحك ضحكة واحدة من قلبي منذ 5 يونيو.
صفحه نامشخص