لكن من المستبعد أن تكون سونيه مقيمة في المدينة الآن، وإن كان ثمة احتمال ضئيل في إقامة الأم هناك؛ لذا، قال كنت لديبورا إنه ما من فائدة من التوقف للتحقق من ذلك، لكن ديبورا رأت أنه يجدر بهما التوقف. واستفسرا من مكتب البريد عن الاتجاهات التي سيسلكانها.
خرج كنت وديبورا بسيارتهما من المدينة عبر الكثبان الرملية، وتولت ديبورا القيادة، مثلما فعلت أغلب الوقت أثناء هذه الرحلة الطويلة بطيئة الإيقاع؛ فقد زارا نويل، ابنة كنت التي كانت تعيش في تورونتو، وابنيه من زوجته الثانية بات - كان أحدهما يعيش في مونتريال والآخر في ماريلاند - وأقاما مع بعض أصدقاء كنت وبات القدامى الذين يعيشون الآن في مجمع سكني محاط ببوابات في أريزونا، ومع والدي ديبورا - اللذين كانا قريبين في السن من كنت - في سانتا باربارا. أما الآن، فهما متوجهان إلى الساحل الغربي حيث تقع فانكوفر، لكن بتمهل كي لا ترهق الرحلة كنت.
غطت الحشائش الكثبان الرملية؛ فبدت كالتلال العادية، عدا المناطق التي برزت منها أجزاء رملية ليبدو المنظر الطبيعي ثريا وأشبه بالبنى الضخمة التي يشيدها الأطفال بالرمال.
وقع في نهاية الطريق المنزل الذي أرشدا إلى البحث عنه. ما كان يمكن أن يختلط عليهما الأمر؛ فكانت هناك لافتة تحمل عبارة «مدرسة باسيفيك للرقص»، واسم سونيه، وتحته لافتة أخرى تحمل عبارة «للبيع». كانت هناك امرأة عجوز تجز الشجيرات في الحديقة باستخدام مقص جز حملته في يديها.
إذن، لا تزال والدة كوتر على قيد الحياة، لكن كنت تذكر بعد ذلك أن والدة كوتر ضريرة؛ ولهذا، كان من الواجب أن ينتقل أحد للعيش معها بعد وفاة والد كوتر.
ماذا كانت تفعل إذن بمقص الجز إذا كانت ضريرة؟
وقع كنت في الخطأ نفسه الذي اعتاد الوقوع فيه، وهو عدم إدراك عدد السنوات - أو بالأحرى العقود - التي مرت عليه، وعدم إدراك مدى كبر والدة كوتر إن كانت على قيد الحياة إلى الآن، ومدى كبر سونيه، بل وكبره هو نفسه. كانت المرأة التي تجز الشجيرات هي سونيه، وفي البداية لم تتعرف عليه هي الأخرى. انحنت أمامه لغرز المقص في الأرض، ومسحت يديها في البنطلون الجينز الذي كانت ترتديه. شعر بتيبس حركاتها في مفاصل جسمه. كان شعرها أبيض وخفيفا يتطاير مع نسيم المحيط الذي وصل إلى المكان عبر الكثبان. ذهب بعض اللحم الذي كان يكسو عظامها في السابق. لقد كانت سونيه دوما صغيرة النهدين، لكنها لم تكن نحيلة الخصر. كانت أشبه بأبناء الشمال بما اتسمت به من وجه وظهر عريضين، لكن اسمها لم يرجع إلى هذه الأصول. تذكر كنت القصة وراء تسميتها سونيه؛ كان حب والدتها لأفلام سونيا هيني. لكن الفتاة غيرت نطق اسمها بنفسها ليصير سونيه، وسخرت من تفاهة والدتها. اعتاد الشباب جميعا في هذا الجيل السخرية من آبائهم لسبب ما.
لم يستطع كنت رؤية وجهها جيدا في أشعة الشمس الساطعة، لكنه رأى بعض البقع البيضاء الفضية اللامعة حيث أصيبت على الأرجح بسرطان في الجلد، وتم استئصاله.
قالت سونيه: «كنت! يا لسخرية القدر! اعتقدتك شخصا جاء لشراء منزلي. هل هذه نويل؟»
وقعت سونيه في الخطأ بدورها.
صفحه نامشخص